عليه، تكذبون بالكتاب، مجمعون على حرب المسلمين، من ثقفتم منهم حبستموه أو عذبتموه أو قتلتموه، حتى أراد الله إعزاز دينه وإظهار رسوله، ودخلت العرب في دينه أفواجا، وأسلمت له هذه الأمة طوعا وكرها، وكنتم ممن دخل في هذا الدين إما رغبة وإما رهبة، على حين فاز أهل السبق بسبقهم وفاز المهاجرون الأولون بفضلهم. فلا ينبغي لمن ليست له مثل سوابقهم في الدين ولا فضائلهم في الإسلام، أن ينازعهم الأمر الذي هم أهله وأولى به، فيحوب (١) بظلم. ولا ينبغي لمن كان له عقل أن يجهل قدره، ولا أن يعدو طوره، ولا أن يشقي نفسه بالتماس ما ليس له. ثم إن أولى الناس بأمر هذه الأمة قديما وحديثا، أقربها من رسول الله صلى الله عليه، وأعلمها بالكتاب وأفقهها في الدين، وأولها إسلاما وأفضلها جهادا وأشدها بما تحمله الرعية من أمورها اضطلاعا. فاتقوا الله الذي إليه ترجعون، ﴿ولا تلبسوا الحق بالبطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون﴾ (2). واعلموا أن خيار عباد الله الذين يعملون بما يعلمون، وأن شرارهم الجهال الذين ينازعون بالجهل أهل العلم، فإن للعالم بعلمه فضلا، وإن الجاهل لن يزداد بمنازعة العالم إلا جهلا.
ألا وإني أدعوكم إلى كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه، وحقن دماء هذه الأمة. فإن قبلتم أصبتم رشدكم، واهتديتم لحظكم. وإن أبيتم إلا الفرقة وشق عصا هذه الأمة فلن تزدادوا من الله إلا بعدا، ولن يزداد الرب عليكم إلا سخطا.
والسلام.
فكتب إليه معاوية: أما بعد؛ فإنه: