بسيفي ما رجعت أبدا حتى أضرب بسيفي في صفهم، قال له الأشتر: يا بن أخي، أطال الله بقاءك! قد والله، ازددت رغبة فيك لا أمرتك بمبارزته إنما أمرتك أن تدعوه إلى مبارزتي، إنه لا يبرز إن كان ذلك من شأنه إلا لذوي الأسنان والكفاءة والشرف، وأنت - لربك الحمد - من أهل الكفاءة والشرف غير أنك فتى حدث السن، فليس بمبارز الأحداث ولكن ادعه إلى مبارزتي. فأتاه فنادى: آمنوني فإني رسول فأومن، فجاء حتى انتهى إلى أبي الأعور. قال أبو مخنف: فحدثني النضر بن صالح أبو زهير العبسي قال: حدثني سنان قال: فدنوت منه فقلت: إن الأشتر يدعوك إلى مبارزته. قال: فسكت عني طويلا ثم قال: إن خفة الأشتر وسوء رأيه هو حمله على إجلاء عمال ابن عفان من العراق، وانتزاؤه عليه يقبح محاسنه، ومن خفة الأشتر وسوء رأيه أن سار إلى ابن عفان في داره وقراره حتى قتله، فيمن قتله فأصبح متبعا بدمه، ألا لا حاجة لي في مبارزته. قال: قلت: إنك قد تكلمت فاسمع حتى أجيبك، فقال: لا، لا حاجة لي في الاستماع منك ولا في جوابك، اذهب عني. فصاح بي أصحابه فانصرفت عنه، ولو سمع إلي لأخبرته بعذر صاحبي وحجته. فرجعت إلى الأشتر فأخبرته أنه قد أبى المبارزة، فقال:
لنفسه نظر.
فواقفناهم حتى حجز الليل بيننا وبينهم وبتنا متحارسين، فلما أصبحنا نظرنا فإذا القوم قد انصرفوا من تحت ليلتهم، ويصبحنا علي بن أبي طالب غدوة. فقدم الأشتر فيمن كان معه في تلك المقدمة حتى انتهى إلى معاوية فواقفه، وجاء علي في أثره فلحق بالأشتر سريعا فوقف وتواقفوا طويلا (1).