الصومعة وأقبل إلى علي (رضي الله عنه)، فأسلم على يده؛ ثم قال: يا أمير المؤمنين! إن عندنا كتابا توارثناه عن آبائنا، يذكرون أن عيسى بن مريم (عليه السلام) كتبه، أفأعرضه عليك؟
قال علي (رضي الله عنه): نعم فهاته.
فرجع الراهب إلى الصومعة وأقبل بكتاب عتيق قد كاد أن يندرس، فأخذه علي وقبله ثم دفعه إلى الراهب، فقال: اقرأه علي!
فقرأه الراهب على علي (رضي الله عنه)، فإذا فيه: بسم الله الرحمن الرحيم، الذي قضى فيما قضى وسطر فيما سطر، أنه باعث في الأميين رسولا منهم يعلمهم الكتاب والحكمة، ويدلهم على سبيل الرشاد، لا فظ (1) ولا غليظ ولا صخاب (2) في الأسواق، لا يجزي السيئة السيئة ولكن يعفو ويصفح، أمته الحامدون الذين يحمدون الله على كل حال في هبوط الأرض وصعود الجبال، ألسنتهم مذللة بالتسبيح والتقديس والتكبير والتهليل، ينصر الله هذا النبي على من ناواه؛ فإذا توفاه الله اختلفت أمته من بعده، ثم يلبثون بذلك ما شاء الله؛ فيمر رجل من أمته بشاطئ هذا النهر، يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، يقضي بالحق ولا يرتشي في الحكم، الدنيا عليه أهون من شرب الماء على الظمآن، يخاف الله عز وجل في السر وينصح الله في العلانية، ولا يأخذه في الله لومة لائم، فمن أدرك ذاك النبي فليؤمن به، فمن آمن به كان له رضوان الله والجنة، ومن أدرك ذلك العبد الصالح فلينصره فإنه وصي خاتم الأنبياء، والقتل معه شهادة.
قال: ثم إنه أقبل هذا الراهب على علي فقال: يا أمير المؤمنين! إني صاحبك