بقرية دون قرقيسياء (1) وقد أرادوا أهل عانات فتحصنوا وفروا، ولما لحقت المقدمة عليا قال: مقدمتي تأتيني من ورائي!
فتقدم إليه زياد بن النضر الحارثي وشريح بن هانئ فأخبراه بالذي رأيا حين بلغهما من الأمر ما بلغهما. فقال: سددتما. ثم مضى علي فلما عبر الفرات قدمهما أمامه نحو معاوية، فلما انتهيا إلى سور الروم لقيهما أبو الأعور السلمي عمرو بن سفيان في جند من أهل الشام، فأرسلا إلى علي: إنا قد لقينا أبا الأعور السلمي في جند من أهل الشام وقد دعوناهم فلم يجبنا منهم أحد فمرنا بأمرك. فأرسل علي إلى الأشتر فقال:
يا مالك، إن زيادا وشريحا أرسلا إلي يعلماني أنهما لقيا أبا الأعور السلمي في جمع من أهل الشام، وأنبأني الرسول أنه تركهم متواقفين، فالنجاء إلى أصحابك النجاء، فإذا قدمت عليهم فأنت عليهم وإياك أن تبدأ القوم بقتال إلا أن يبدؤوك حتى تلقاهم فتدعوهم وتسمع، ولا يجرمنك شنآنهم على قتالهم قبل دعائهم والإعذار إليهم مرة بعد مرة، واجعل على ميمنتك زيادا وعلى ميسرتك شريحا وقف من أصحابك وسطا، ولا تدن منهم دنو من يريد أن ينشب الحرب، ولا تباعد منهم بعد من يهاب البأس حتى أقدم عليك، فإني حثيث السير في أثرك إن شاء الله.
قال: وكان الرسول الحارث بن جمهان الجعفي فكتب علي إلى زياد وشريح:
أما بعد، فإني قد أمرت عليكما مالكا فاسمعا له وأطيعا، فإنه ممن لا يخاف