فارقتنا؟ فقال: لم أرض صاحبكم إماما، ولا سيرتكم سيرة، فرأيت أن أعتزل وأكون مع من يدعو إلى الشورى، فقال له زياد: وهل يجتمع الناس على رجل يداني صاحبك الذي فارقته علما بالله وسنته وكتابه مع قرابته من رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وسابقته في الإسلام؟ فقال له: ذلك لا أقول لك. فقال له زياد: ففيم قتلت ذلك الرجل المسلم؟ فقال له: ما أنا قتلته، وإنما قتله طائفة من أصحابي. قال:
فادفعهم إلينا. قال: ما لي إلى ذلك سبيل.
فدعا زياد أصحابه ودعا الخريت أصحابه، فاقتتلوا قتالا شديدا تطاعنوا بالرماح حتى لم يبق رمح، وتضاربوا بالسيوف حتى انحنت، وعقرت عامة خيولهم، وكثرت الجراحة فيهم، وقتل من أصحاب زياد رجلان، ومن أولئك خمسة، وجاء الليل فحجز بينهما، وقد كره بعضهم بعضا، وجرح زياد، فسار الخريت من الليل وسار زياد إلى البصرة، وأتاهم خبر الخريت أنه أتى الأهواز فنزل بجانب منها وتلاحق به ناس من أصحابهم فصاروا نحو مائتين... فقدم معقل الأهواز... فلحقوهم قريب جبل من جبال رامهرمز... فقتل أصحاب معقل منهم سبعين رجلا من بني ناجية ومن معهم من العرب، وقتلوا نحوا من ثلاثمائة من العلوج (1) والأكراد، وانهزم الخريت بن راشد فلحق بأسياف البحر، وبها جماعة كثيرة من قومه، فما زال يسير فيهم ويدعوهم إلى خلاف علي، ويخبرهم أن الهدى في حربه حتى اتبعه منهم ناس كثير...
فكتب [علي (عليه السلام)] إلى معقل يثني عليه وعلى من معه ويأمره باتباعه وقتله أو نفيه... فلما انتهى معقل إليه نصب راية أمان وقال: من أتاها من الناس فهو آمن إلا الخريت وأصحابه الذين حاربونا أول مرة. فتفرق عن الخريت جل من كان