فتأسى عليهم، إنهم قلما يزيدون في عددنا لو أقاموا، ولقلما ينقصون من عددنا بخروجهم عنا، ولكنا نخاف أن يفسدوا علينا جماعة كثيرة ممن يقدمون عليك من أهل طاعتك، فأذن لي في اتباعهم حتى أردهم عليك. فقال: أتدري أين توجهوا؟ قال: لا، ولكني أسأل وأتبع الأثر. فقال له: اخرج، رحمك الله، وانزل دير أبي موسى، وأقم حتى يأتيك أمري، فإن كانوا ظاهرين فإن عمالي سيكتبون بخبرهم.
فخرج زياد فأتى داره وجمع أصحابه من بكر بن وائل وأعلمهم الخبر، فسار معه مائة وثلاثون رجلا، فقال: حسبي.
ثم سار حتى أتى دير أبي موسى فنزله يوما ينتظر أمر علي، وأتى عليا كتاب من قرظة بن كعب الأنصاري يخبره أنهم توجهوا نحو نفر (1)، وأنهم قتلوا رجلا من الدهاقين (2) كان أسلم.
فأرسل علي إلى زياد يأمره باتباعهم ويخبره خبرهم، وأنهم قتلوا رجلا مسلما، ويأمره بردهم إليه؛ فإن أبوا يناجزهم (3)، وسير الكتاب مع عبد الله بن وال، فاستأذنه عبد الله في المسير مع زياد، فأذن له، وقال له: إني لأرجو أن تكون من أعواني على الحق، وأنصاري على القوم الظالمين، قال ابن وال: فوالله ما أحب أن لي بمقالته تلك حمر النعم... فتبعوا آثارهم حتى أدركوهم بالمذار (4)... فدعاه زياد وقال له: ما الذي نقمت على أمير المؤمنين وعلينا حتى