لله (1). وبعد أن انكشفت أسرار المؤامرة قليلا هب أولئك المخدوعون فاتهموا عليا (عليه السلام) بالإثم، وطلبوا منه أن يتوب. وعندما أراد (عليه السلام) أن يخمد نار الفتنة بأسلوب لطيف، ويعبئ الناس نحو الشام واصل الأشعث إثارته للفتنة، وحاول أن يرجع المخدوعين الذين كانوا عازمين على الذهاب مذعنين بالحق إلى موضعهم الأول، فزاد بذلك إيقاد الفتنة (2).
وهكذا زرع الأشعث بذرة الفتنة، واتخذ سبيله مع أشخاص كثيرين، وخرج من جيش الإمام (عليه السلام)، وقصد الكوفة.
وكان الأشعث ملوث النفس، سقيم الفكر، ذا موقف معاد، واستطاع أن يمارس دورا خبيثا مؤثرا في إثارة الفتنة إبان حرب النهروان. وكان يتخذ المواقف من منطلق الأهواء، والميول المادية، والعصبيات القبلية متلبسا برداء المعايير الإلهية والإنسانية، وحري بالذكر أيضا أن الإمام (عليه السلام) عندما اختار عبد الله بن عباس للتحكيم قال الأشعث: لا والله، لا يحكم فيها مضريان حتى تقوم الساعة، ولكن اجعله رجلا من أهل اليمن إذ جعلوا رجلا من مضر، فقال علي:
إني أخاف أن يخدع يمنيكم؛ فإن عمرا ليس من الله في شيء إذا كان له في أمر هوى.
فقال الأشعث: والله لأن يحكما ببعض ما نكره وأحدهما من أهل اليمن، أحب إلينا من أن يكون بعض ما نحب في حكمهما وهما مضريان.
وهكذا فالعصبية القبلية والعريكة الجاهلية التي كان عليها الأشعث وعدد من