احمر البأس ودعيت نزال أقام أهل بيته فاستقدموا، فوقى بهم أصحابه حر الأسنة والسيوف، فقتل عبيدة يوم بدر، وحمزة يوم أحد، وجعفر وزيد يوم مؤتة، وأراد لله من لو شئت ذكرت اسمه مثل الذي أرادوا من الشهادة مع النبي (صلى الله عليه وآله) غير مرة، إلا أن آجالهم عجلت، ومنيته أخرت. والله مولي الإحسان إليهم، والمنان عليهم بما قد أسلفوا من الصالحات. فما سمعت بأحد ولا رأيت فيهم من هو أنصح لله في طاعة رسوله، ولا أطوع لرسوله في طاعة ربه، ولا أصبر على اللأواء والضراء وحين البأس ومواطن المكروه مع النبي (صلى الله عليه وآله) من هؤلاء النفر الذين سميت لك. وفي المهاجرين خير كثير نعرفه، جزاهم الله بأحسن أعمالهم!
وذكرت حسدي الخلفاء، وإبطائي عنهم، وبغيي عليهم؛ فأما البغي فمعاذ الله أن يكون، وأما الإبطاء عنهم والكراهة لأمرهم فلست أعتذر منه إلى الناس، لأن الله جل ذكره لما قبض نبيه (صلى الله عليه وآله) قالت قريش: منا أمير، وقالت الأنصار: منا أمير.
فقالت قريش: منا محمد رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فنحن أحق بذلك الأمر، فعرفت ذلك الأنصار، فسلمت لهم الولاية والسلطان. فإذا استحقوها بمحمد (صلى الله عليه وآله) دون الأنصار فإن أولى الناس بمحمد (صلى الله عليه وآله) أحق بها منهم. وإلا فإن الأنصار أعظم العرب فيها نصيبا، فلا أدري أصحابي سلموا من أن يكونوا حقي أخذوا، أو الأنصار ظلموا، بل عرفت أن حقي هو المأخوذ، وقد تركته لهم، تجاوز الله عنهم!
وأما ما ذكرت من أمر عثمان وقطيعتي رحمه، وتأليبي عليه؛ فإن عثمان عمل ما قد بلغك، فصنع الناس به ما قد رأيت وقد علمت أني كنت في عزلة عنه، إلا أن تتجنى، فتجن ما بدا لك.
وأما ما ذكرت من أمر قتلة عثمان؛ فإني نظرت في هذا الأمر، وضربت أنفه وعينيه، فلم أر دفعهم إليك ولا إلى غيرك.