بأحسن الجزاء.
وذكرت أن عثمان كان في الفضل ثالثا؛ فإن يكن عثمان محسنا فسيجزيه الله بإحسانه، وإن يك مسيئا فسيلقى ربا غفورا لا يتعاظمه ذنب أن يغفره.
ولعمر الله إني لأرجو - إذا أعطى الله الناس على قدر فضائلهم في الإسلام ونصيحتهم لله ورسوله - أن يكون نصيبنا في ذلك الأوفر.
إن محمدا (صلى الله عليه وآله) لما دعا إلى الإيمان بالله والتوحيد كنا - أهل البيت - أول من آمن به، وصدق بما جاء به، فلبثنا أحوالا مجرمة، وما يعبد الله في ربع ساكن من العرب غيرنا، فأراد قومنا قتل نبينا، واجتياح أصلنا، وهموا بنا الهموم، وفعلوا بنا الأفاعيل؛ فمنعونا الميرة، وأمسكوا عنا العذب، وأحلسونا الخوف (1)، وجعلوا علينا الأرصاد والعيون، واضطرونا إلى جبل وعر، وأوقدوا لنا نار الحرب، وكتبوا علينا بينهم كتابا لا يواكلونا ولا يشاربونا ولا يناكحونا ولا يبايعونا ولا نأمن فيهم حتى ندفع النبي (صلى الله عليه وآله) فيقتلوه ويمثلوا به. فلم نكن نأمن فيهم إلا من موسم إلى موسم، فعزم الله لنا على منعه، والذب عن حوزته، والرمي من وراء حرمته، والقيام بأسيافنا دونه، في ساعات الخوف بالليل والنهار، فمؤمننا يرجو بذلك الثواب، وكافرنا يحامي به عن الأصل.
فأما من أسلم من قريش بعد فإنهم مما نحن فيه أخلياء؛ فمنهم حليف ممنوع، أو ذو عشيرة تدافع عنه؛ فلا يبغيه أحد بمثل ما بغانا به قومنا من التلف، فهم من القتل بمكان نجوة وأمن. فكان ذلك ما شاء الله أن يكون.
ثم أمر الله رسوله بالهجرة، وأذن له بعد ذلك في قتال المشركين، فكان إذا