أبو موسى: اكتب، قال عمرو: فظالما قتل عثمان أو مظلوما، قال أبو موسى: بل قتل مظلوما، قال عمرو: أفليس قد جعل الله لولي المظلوم سلطانا يطلب بدمه؟
قال أبو موسى: نعم، قال عمرو: فهل تعلم لعثمان وليا أولى من معاوية؟ قال أبو موسى: لا، قال عمرو: أفليس لمعاوية أن يطلب قاتله حيثما كان حتى يقتله أو يعجز عنه؟ قال أبو موسى: بلى، قال عمرو للكاتب: اكتب، وأمره أبو موسى فكتب، قال عمرو: فإنا نقيم البينة أن عليا قتل عثمان، قال أبو موسى: هذا أمر قد حدث في الإسلام، وإنما اجتمعنا لغيره، فهلم إلى أمر يصلح الله به أمر أمة محمد، قال عمرو: وما هو؟ قال أبو موسى: قد علمت أن أهل العراق لا يحبون معاوية أبدا، وأن أهل الشام لا يحبون عليا أبدا؛ فهلم نخلعهما جميعا ونستخلف عبد الله بن عمر! وكان عبد الله بن عمر على بنت أبي موسى (١).
٢٦٢٣ - العقد الفريد عن أبي الحسن - في ذكر اجتماع الحكمين -: أخلي لهما [عمرو بن العاص وأبي موسى] مكان يجتمعان فيه، فأمهله عمرو بن العاص ثلاثة أيام، ثم أقبل إليه بأنواع من الطعام يشهيه بها، حتى إذا استبطن أبو موسى ناجاه عمرو، فقال له: يا أبا موسى! إنك شيخ أصحاب محمد (صلى الله عليه وآله)، وذو فضلها، وذو سابقتها، وقد ترى ما وقعت فيه هذه الأمة من الفتنة العمياء التي لا بقاء معها، فهل لك أن تكون ميمون هذه الأمة؛ فيحقن الله بك دماءها؛ فإنه يقول في نفس واحدة: ﴿ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا﴾ (2)، فكيف بمن أحيا أنفس هذا الخلق كله!
قال له: وكيف ذلك؟ قال: تخلع أنت علي بن أبي طالب، وأخلع أنا معاوية بن