ولكن بمن، وإلى من؟ أريد أن أداوي بكم وأنتم دائي؛ كناقش الشوكة بالشوكة وهو يعلم أن ضلعها (1) معها! اللهم قد ملت أطباء هذا الداء الدوي، وكلت النزعة بأشطان الركي!
أين القوم الذين دعوا إلى الإسلام فقبلوه، وقرؤوا القرآن فأحكموه، وهيجوا إلى الجهاد فولهوا وله اللقاح إلى أولادها، وسلبوا السيوف أغمادها، وأخذوا بأطراف الأرض زحفا زحفا، وصفا صفا. بعض هلك، وبعض نجا. لا يبشرون بالأحياء، ولا يعزون عن الموتى. مره العيون من البكاء، خمص البطون من الصيام، ذبل الشفاه من الدعاء، صفر الألوان من السهر، على وجوههم غبرة الخاشعين.
أولئك إخواني الذاهبون. فحق لنا أن نظمأ إليهم، ونعض الأيدي على فراقهم.
إن الشيطان يسني لكم طرقه، ويريد أن يحل دينكم عقدة عقدة، ويعطيكم بالجماعة الفرقة، وبالفرقة الفتنة، فاصدفوا عن نزغاته ونفثاته، واقبلوا النصيحة ممن أهداها إليهم، واعقلوها على أنفسكم (2) (3).