وثار القتام (1)، وتضعضعت الرايات، وحطت الألوية، وغابت الشمس، وذهبت مواقيت الصلاة، حتى ما كان في الفريقين أحد يصلي ذلك اليوم ولا سجد لله سجدة، ولا كانت الصلاة إلا بالتكبير والإيماء نحو القبلة.
قال: وهجم عليهم الليل، واشتدت الحرب، وهذه ليلة الهرير، فجعل بعضهم يهر على بعض، ويعتنق بعضهم بعضا، ويكرم بعضهم بعضا (2).
قال: وجعل علي (رضي الله عنه) يقف ساعة بعد ساعة، ويرفع رأسه إلى السماء وهو يقول: " اللهم إليك نقلت الأقدام، وإليك أفضت القلوب، ورفعت الأيدي، ومدت الأعناق، وطلبت الحوائج، وشخصت الأبصار. اللهم (افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفتحين) ثم إنه حمل في سواد الليل، وحملت الناس معه، فكلما قتل بيده رجلا من أهل الشام كبر تكبيرة حتى أحصي له كذا كذا تكبيرة.
قال أبو محمد (ابن أعثم): أحصي له خمسمائة تكبيرة وثلاث وعشرون تكبيرة، في كل تكبيرة له قتيل.
قال: وكان إذا علا قد، وإذا وسط قط (3) (4).
2563 - تاريخ الطبري عن أبي مخنف: فاقتتل الناس تلك الليلة كلها حتى الصباح؛ وهي ليلة الهرير، حتى تقصفت الرماح، ونفد النبل، وصار الناس إلى السيوف.