أيها الناس! من يبع نفسه يربح هذا اليوم؛ فإنه يوم له ما بعده من الأيام، أما والله! أن لولا أن تعطل الحدود، وتبطل الحقوق، ويظهر الظالمون، وتفوز كلمة الشيطان، ما اخترنا ورود المنايا على خفض العيش وطيبه.
ألا إن خضاب النساء الحناء، وخضاب الرجال الدماء، والصبر خير عواقب الأمور.
ألا إنها إحن بدرية، وضغائن أحدية، وأحقاد جاهلية، وثب بها معاوية حين الغفلة ليذكر بها ثارات بني عبد شمس: ﴿فقتلوا أئمة الكفر إنهم لا أيمن لهم لعلهم ينتهون﴾ (١) (٢).
٢٥٥٩ - وقعة صفين عن القعقاع بن الأبرد الطهوي: والله، إني لواقف قريبا من علي بصفين يوم وقعة الخميس، وقد التقت مذحج - وكانوا في ميمنة علي - وعك وجذام ولخم والأشعريون، وكانوا مستبصرين في قتال علي.
ولقد - والله - رأيت ذلك اليوم من قتالهم، وسمعت من وقع السيوف على الرؤوس، وخبط الخيول بحوافرها في الأرض وفي القتلى - ما الجبال تهد، ولا الصواعق تصعق بأعظم هولا في الصدور من ذلك الصوت.
نظرت إلى علي وهو قائم فدنوت منه، فسمعته يقول: " لا حول ولا قوة إلا بالله، والمستعان الله ".
ثم نهض حين قام قائم الظهيرة، وهو يقول: ﴿ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفتحين﴾ (3).