لبيك يا أبة. فقال: يا بني لا يستفزك ما ترى؛ قد حملت الراية وأنا أصغر منك فما استفزني عدوي، وذلك أنني لم ألق أحدا إلا حدثتني نفسي بقتله، فحدث نفسك - بعون الله - بظهورك عليهم، ولا يخذلك ضعف النفس باليقين؛ فإن ذلك أشد الخذلان.
قال فقلت: يا أبة أرجو أن أكون كما تحب إن شاء الله. قال: فألزم رأيتك، فإذا اختلطت الصفوف قف في مكانك وبين أصحابك، فإن لم تر أصحابك فسيرونك.
قال: والله إني لفي وسط أصحابي فصاروا كلهم خلفي وما بيني وبين القوم أحد يردهم عني، وأنا أريد أن أتقدم في وجوه القوم، فما شعرت إلا بأبي من خلفي قد جرد سيفه وهو يقول: لا تقدم حتى أكون أمامك. فتقدم (عليه السلام) بين يدي يهرول ومعه طائفة من أصحابه، فضربوا الذين في وجهي حتى أنهضوهم ولحقتهم بالراية، فوقفوا وقفة، واختلط الناس، وركدت السيوف ساعة، فنظرت إلى أبي يفرج الناس يمينا وشمالا ويسوقهم أمامه، فأردت أن أجول فكرهت خلافه (1).
2232 - مروج الذهب: جاء ذو الشهادتين خزيمة بن ثابت إلى علي، فقال: يا أمير المؤمنين، لا تنكس اليوم رأس محمد، واردد إليه الراية! فدعا به، ورد عليه الراية، وقال:
إطعنهم طعن أبيك تحمد * لا خير في الحرب إذا لم توقد بالمشرفي والقنا المسرد (2)