أمير المؤمنين! فلم يجب أحدا منهم، ولا رد إليهم بصره، وظل ينحط (1) ويزأر زئير الأسد، حتى فرق من حوله، وتبادروه، وإنه لطامح ببصره نحو عسكر البصرة، لا يبصر من حوله، ولا يرد حوارا.
ثم دفع الراية إلى ابنه محمد، ثم حمل حملة ثانية وحده، فدخل وسطهم فضربهم بالسيف قدما قدما، والرجال تفر من بين يديه، وتنحاز عنه يمنة ويسرة، حتى خضب الأرض بدماء القتلى، ثم رجع وقد انحنى سيفه، فأقامه بركبته، فاعصوصب (2) به أصحابه، وناشدوه الله في نفسه وفي الإسلام، وقالوا:
إنك إن تصب يذهب الدين! فأمسك ونحن نكفيك.
فقال: والله، ما أريد بما ترون إلا وجه الله والدار الآخرة. ثم قال لمحمد ابنه:
هكذا تصنع يا بن الحنفية. فقال الناس: من الذي يستطيع ما تستطيعه يا أمير المؤمنين!! (3) 2239 - المصنف عن الأعمش عن رجل قد سماه: كنت أرى عليا يحمل فيضرب بسيفه حتى ينثني، ثم يرجع فيقول: لا تلوموني ولوموا هذا. ثم يعود فيقومه (4).
2240 - شرح نهج البلاغة عن أبي مخنف: خرج عبد الله بن خلف الخزاعي - وهو رئيس البصرة، وأكثر أهلها مالا وضياعا - فطلب البراز، وسأل ألا يخرج إليه إلا علي (عليه السلام)، وارتجز فقال:
أبا تراب ادن مني فترا * فإنني دان إليك شبرا