أمير المؤمنين! فلم يجب أحدا حتى سواه، ثم حمل ثانية حتى اختلط بهم، فجعل يضرب فيهم قدما قدما حتى انحنى سيفه، ثم رجع إلى أصحابه، ووقف يسوي السيف بركبته وهو يقول: والله ما أريد بذلك إلا وجه الله والدار الآخرة!
ثم التفت إلى ابنه محمد ابن الحنفية وقال: هكذا اصنع يا بني (1).
2238 - شرح نهج البلاغة عن أبي مخنف: زحف علي (عليه السلام) نحو الجمل بنفسه في كتيبته الخضراء من المهاجرين والأنصار، وحوله بنوه حسن وحسين ومحمد (عليهم السلام)، ودفع الراية إلى محمد، وقال: أقدم بها حتى تركزها في عين الجمل، ولا تقفن دونه.
فتقدم محمد، فرشقته السهام، فقال لأصحابه: رويدا، حتى تنفد سهامهم، فلم يبق لهم إلا رشقة أو رشقتان. فأنفذ علي (عليه السلام) (2) إليه يستحثه، ويأمره بالمناجزة، فلما أبطأ عليه جاء بنفسه من خلفه، فوضع يده اليسرى على منكبه الأيمن وقال له: أقدم، لا أم لك!
فكان محمد إذا ذكر ذلك بعد يبكي، ويقول: لكأني أجد ريح نفسه في قفاي، والله لا أنسى أبدا.
ثم أدركت عليا (عليه السلام) رقة على ولده، فتناول الراية منه بيده اليسرى وذو الفقار مشهور في يمنى يديه، ثم حمل فغاص في عسكر الجمل، ثم رجع وقد انحنى سيفه، فأقامه بركبته. فقال له أصحابه وبنوه والأشتر وعمار: نحن نكفيك يا