فقال: حتى أعذر إليهم ثانية. ثم قال: من يأخذ هذا المصحف فيدعوهم إليه وهو مقتول وأنا ضامن له على الله الجنة؟
فلم يقم أحد إلا غلام عليه قباء أبيض، حدث السن من عبد القيس يقال له مسلم كأني أراه، فقال: أنا أعرضه عليهم يا أمير المؤمنين، وقد احتسبت نفسي عند الله تعالى.
فأعرض عنه إشفاقا عليه ونادى ثانية: من يأخذ هذا المصحف ويعرضه على القوم وليعلم أنه مقتول وله الجنة؟
فقام مسلم بعينه وقال: أنا أعرضه. فأعرض، ونادى ثالثة فلم يقم غير الفتى، فدفع إليه المصحف.
وقال: امض إليهم وأعرضه عليهم وادعهم إلى ما فيه.
فأقبل الغلام حتى وقف بإزاء الصفوف ونشر المصحف، وقال: هذا كتاب الله عز وجل، وأمير المؤمنين (عليه السلام) يدعوكم إلى ما فيه.
فقالت عائشة: اشجروه بالرماح قبحه الله! فتبادروا إليه بالرماح فطعنوه من كل جانب، وكانت أمه حاضرة فصاحت وطرحت نفسها عليه وجرته من موضعه، ولحقها جماعة من عسكر أمير المؤمنين (عليه السلام) أعانوها على حمله حتى طرحوه بين يدي أمير المؤمنين (عليه السلام) وأمه تبكي وتندبه وتقول:
يا رب إن مسلما دعاهم * يتلو كتاب الله لا يخشاهم فخضبوا من دمه قناهم * وأمهم قائمة تراهم تأمرهم بالقتل لا تنهاهم (1)