النساء، من جهة ان الله تعالى خصها أيضا بهذه الصفة في قوله: ﴿إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين﴾ (1).
أو المراد استثناء مريم حقيقة، وعدم تفضيل فاطمة (عليها السلام) عليها في هذه الرواية من باب المصلحة، حيث ارتكز في الأنظار لظاهر الآية ان مريم أيضا بهذه الصفة، فلعله (صلى الله عليه وآله) لو لم يستثنها وقع في التهمة بأن النبي إنما يفضل فاطمة كذلك من جهة المحبة، أو إرادة كونها سيدة مجازية لا حقيقية.
أو كان ذلك موجبا لعداوة النصارى ونحو ذلك، فيكون مراده (صلى الله عليه وآله) اني أستثني في تفضيلي هذا مريم، وأحكم فيها بعدم المفضولية، أو أجعلها في محل السكوت في تلك الجملة، على الخلاف في أن الاستثناء من الإثبات نفي أو في محل السكوت وكذا الاستثناء من النفي.
أو يكون قوله: ((ما خلا مريم)) من كلام الراوي، أي ما استثنى النبي (صلى الله عليه وآله) مريم أيضا، كما قيل بذلك في الخبر المشهور عن النبي (صلى الله عليه وآله) انه قال: ((أسامة أحب الناس إلي ما حاشا فاطمة)) حيث قيل:
إن لفظ (ما حاشا) من الراوي بمعنى ان النبي (صلى الله عليه وآله) ما استثنى فاطمة، وذلك بقرينة ما في خبر الآخر: ((ما حاشا فاطمة ولا غيرها)) مع صحة جعله استثناء أيضا، فيكون لفظه (ولا غيرها) بمعنى لا استثنى غير فاطمة.
وأما قوله (صلى الله عليه وآله): ((فاطمة خير نساء أهل الجنة إلا ما كان لمريم أو من مريم)) فمعناه القريب ان فاطمة أفضل في جميع الصفات الكاملة للنساء إلا صفة كمال كانت لمريم وهو كونها سيدة النساء، ففاطمة (عليها السلام) في هذه الصفة ليست بأفضل منها، بل مساوية لها في ذلك ولو بحسب مجرد صدق الاسم بلا تفاوت في ظاهر الصورة، حيث إن مريم أيضا سيدة النساء كما أن فاطمة سيدة النساء، ويجوز بعض توجيهات اخر تظهر لمن تأمل وتدبر.
وأما قوله (صلى الله عليه وآله): ((فاطمة خير نساء العالمين إلا ما ولدته