وجه له، كقول من قال: إن العالم أيضا مختص بمن يعقل، والظاهر من الآيات والأخبار تعدد العوالم الظاهرية والباطنية.
لكن ذهب أكثر المتكلمين إلى أن العالم هو الجسماني المنحصر في الفلكي العلوي والعنصري السفلي.
وعن بعض العارفين: إن المصنوع اثنان: عالم الماديات، وعالم المجردات، والكائن في الأول هو الجسم، والفلك والفلكيات، والعنصر والعنصريات، والعوارض اللازمة له، وفي الثاني الملائكة المسماة بالملأ الأعلى، والعقول والنفوس الكلية، والأرواح البشرية المسماة بالنفوس الناطقة، إنتهى، ويمكن تطبيق كل ذلك على ما هو الحق في الواقع والحقيقة.
وقوله (صلى الله عليه وآله): ((فاطمة سيدة نساء العالمين ما خلا مريم بنت عمران)) ينافي أكثر الأخبار الواردة الظاهرة في أنها سيدة نساء العالمين بلا استثناء شئ، بل صرح به في بعضها كقوله (صلى الله عليه وآله): (من الأولين والآخرين).
ويمكن توجيه الخبر المذكور بجعل (ما) نافية، وحينئذ اما أن يجعل مريم مفعولا أي ما تجاوز هذا التفضيل عن مريم، أو ما تجاوز بعضهن عنها، أو فاعلا أي لم تخل مريم أيضا من هذا التفضيل، فتكون هي أيضا داخلة في المفضل عليهن.
والتذكير حينئذ في الفعل المسند إلى المؤنث الحقيقي اما بناء على جوازه عند الإسناد إلى الظاهر، أو جعلها للشرف بمنزلة المذكر، أو لأنها لم تتزوج فكأنها ليست بمؤنث، أو لأن ((ما خلا)) يستعمل غالبا في مقام الاستثناء، فلا يتبدل حاله كما قرر في الكتب النحوية، لئلا يتغير الصورة الاستثنائية، وإن كان يجعل (ما) حينئذ زائدة أو مصدرية لا نافية، إلا ان الصورة واحدة فأجرى عليه حكم الحالة الغالبة، أو ان (خلا) هنا من الأفعال الجامدة الصرفة.
أو المراد استثناء مريم من المفضولية الكاملة، ومن كونها مساوية لسائر