وبه جزم الجمهور ورواه الحاكم بسند صحيح عن ابن عباس، وقول ابن حبان: سبعة عشر شهرا وثلاثة أيام مبني على أن القدوم كان في ثاني عشر ربيع الأول.
قال الحافظ: وأسانيد رواية ثلاثة عشر وتسعة عشر ونحوها شاذة.
الثالث: فرض صوم رمضان على رأس سبعة عشر شهرا، وزكاة الفطر قبل العيد بيومين، وصلى العيد بالمصلى وضحى ضحوه في ذي الحجة صلى وضحى بكبشين أحدهما عن أمته، والآخر عنه وعن آله.
روى ابن سعد عن ابن عمر وأبي سعيد الخدري وعائشة - رضي الله تعالى عنهم - قالوا:
نزل فرض شهر رمضان بعدما صرفت القبلة إلى الكعبة بشهر في شعبان على رأس ثمانية عشر شهرا من مهاجر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في هذه السنة بزكاة الفطر قبل أن تفرض الزكاة في الأموال، وأن تخرج عن الصغير والكبير، والحر والعبد، والذكر والأنثى، صاع من تمر، أو صاع من شعير، أو صاع من زبيب أو مدان من بر، وكان يخطب قبل الفطر بيومين، فيأمر بإخراجها قبل أن يغدو إلى المصلى، وقال: اغنوهم يعني المساكين عن طواف هذا اليوم، وكان يقسمها إذا رجع، وصلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - العيد يوم الفطر بالمصلى قبل الخطبة، وصلى العيد الأضحى، وأمر بالأضحية، وأقام بالمدينة عشر سنين يضحي كل عام.
وروى ابن سعد عن ابن عمر - رضي الله تعالى عنه - قال: أقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة عشر سنين لا يدع الأضحى، انتهى.
قالوا: وكان يصلي العيدين قبل الخطبة بغير أذان ولا إقامة، وكان بلال يحمل العنزة بين يديه، وكانت العنزة للزبير بن العوام قدم بها من أرض الحبشة، فأخذها منه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وروى ابن سعد عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كانت تحمل له عنزة يوم العيد يصلي إليها، انتهى.
قالوا: وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا ضحى اشترى كبشين سمينين أقرنين أملحين، فإذا صلى وخطب أتى بأحدهما وهو قائم في مصلاه فذبحه بيده بالمدينة، ثم يقول: اللهم هذا عن أمتي جميعا من شهد لك بالتوحيد ولي بالبلاغ، ثم يؤتي بالآخر فيذبحه بيده، ثم يقول: هذا عن محمد وآل محمد، فيأكل هو وأهله منه ويطعم المساكين، وكان يذبح عند طرف الزقاق عند دار معاوية.
قال محمد بن عمر الأسلمي: وكذلك تصنع الأئمة عندنا بالمدينة.