يقدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقبل أن تنزل الجمعة، فقالت الأنصار: إن لليهود يوما يجتمعون فيه كل سبعة أيام، وللنصارى أيضا مثل ذلك، فهلم فلنجعل لنا يوما نجتمع فيه فنذكر الله ونصلي ونشكره، فجعلوه يوم العروبة، واجتمعوا إلى أسعد بن زرارة فصلى بهم يومئذ، وأنزل الله تعالى بعد ذلك (إذا نودي للصلاة) [الجمعة 1] الآية.
وقال الحافظ: وهذا وإن كان مرسلا فله شاهد بإسناد حسن، رواه أحمد وأبو داود وابن ماجة، وصححه ابن خزيمة وغير واحد من حديث كعب بن مالك قال: كان أول من صلى بنا الجمعة قبل مقدم النبي - صلى الله عليه وسلم - أسعد بن زرارة... الحديث، وتقدم، فمرسل ابن سيرين يدل على أن أولئك الصحابة اختاروا يوم الجمعة بالاجتهاد، ولا يمنع ذلك أن يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - علمه بالوحي وهو ب (مكة) فلم يتمكن من إقامتها كما في حديث ابن عباس، والمرسل بعده.
ولذلك جمع بهم أول ما قدم المدينة كما حكاه ابن إسحاق وغيره، وعلى هذا فقد حصلت الهداية للجمعة بجهتي البيان والتوفيق.
وقيل: في الحكمة في اختيارهم الجمعة وقوع خلق آدم فيه، والإنسان إنما خلق للعبادة، فناسب أن يشتغل بالعبادة [فيه، ولأن الله تعالى أكمل فيه الموجودات، وأوجد فيه الإنسان الذي ينتفع بها، فناسب أن يشكر على ذلك بالعبادة فيه] (1).
ولهذا تتمة تقدمت في الخصائص.
وفيها جعلت صلاة الحضر أربع ركعات، وكانت ركعتين بعد مقدمه بشهر لاثنتي عشرة من ربيع الآخر.
قال الدولابي: يوم الثلاثاء قال السهيلي: بعد الهجرة بعام رواه الدولابي.
وروى عن عائشة - رضي الله تعالى عنها - وأكثر الفقهاء أن الصلاة نزلت بتمامها.
قال ابن جرير: وزعم الواقدي أنه لا خلاف بين أهل الحجاز فيه.
وفيها بني رسول الله صلى الله عليه وسلم - مسجده ومساكنه، ومسجد قباء. وسيأتي في التاسعة.
لما أراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يبني مسجده، وكان مربده اليتيمين سهل وسهيل.
قال البلاذري، ويحيى بن الحسن، وغيرهما: إنهما ابني رافع بن أبي عمرو بن عائذ بن ثعلبة بن غنم بن مالك بن النجار، وبه صرح ابن حزم وابن عبد البر، والسهيلي ورجحه السيد وغيره.