بالأعضاء اللينة، ثم الأعصاب وهي أجزاء دماغية المنبت، أو نخاعية في الهواء والمنبت بيض لدنه لينة في الانعطاف، صلبة من الانفصال، خلقت ليتم بها للأعضاء الإحساس والحركة، ثم الأوتار وهي أجسام نبتت من أطراف العضل شبيهة بالعصب، ثم الرباطات وهي أجسام شبيهة بالعصب، ثم الشريانات وهي أجسام نابتة في القلب، ممتدة مجوفة طولا، عصبانية رباطية الجوهر، ثم الأوردة وهي شبيهة بالشريانات، لكنها نابتة من الكبد، ثم الأغشية وهي أجسام منتسجة من ليف عصباني غير محسوس، ثم اللحم وهو حشم جلل، وعليه وضع هذه الأعضاء في البدن وقوتها، ثم من الأعضاء ما هو قريب المزاج من الدم فلا يحتاج الدم في تغذيته إلى أن ينصرف في استحالات كثيرة، ومنها ما هو بعيد المزاج عنه، فيحتاج الدم في أن يستحيل إليه إلى أن يستحيل أولا استحالات متدرجة إلى مشاكلة جوهره كالعظم.
وقال - عليه الصلاة والسلام -: (إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما نطفة، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك ثم ينفخ فيه الروح.
قال في المنهج السوي: واتفق العلماء على أن نفخ الروح لا يكون إلا بعد أربعة أشهر.
وروي فيه عن جابر بن عبد الله - رضي الله تعالى عنهما -: (أن خزيمة بن حكيم السلمي سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن قرار ماء الرجل وماء المرأة؟ وعن ما للرجل من الولد وما للمرأة؟ وعن موضع النفس من الجسد؟ وعن شراب المولود في بطن أمة؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (أما ما للرجل من الولد وما للمرأة، فإن للرجل العظام والعروق والعصب، وللمرأة اللحم والدم والشعر، وأما قرار ماء الرجل فإنه يخرج ماؤه من الإحليل، وهو عرق يجري [من ظهره حتى يستقر قراره في البيضة اليسرى، وأما ماء المرأة فإن ماءها في الثرائبية يتغلغل لا يزال يدنو حتى تذوق عسيلتها، وأما موضع النفس ففي القلب، والقلب معلق بالنياط والنياط تسقي العروق، فإذا هلك القلب انقطع العرق، وأما شراب المولود في بطن أمه، فإنه يكون نطفة أربعين ليلة ثم علقة أربعين ليلة ومشيجا أربعين ليلة ونجيشا أربعين ليلة ثم مضغة أربعين ليلة ثم العظم حبيكا أربعين ليلة ثم جنينا، فعند ذلك يستهل وينفخ فيه الروح وتجلب عليه عروق الرحم].
قال الخطابي: اعلم أن الطب على نوعين: الطب القياسي: وهو طب يونان الذي يستعمل في أكثر البلاد.
وطب العرب والهند: وهو طب التجارب، وأكثر ما وصفه النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما هو على مذهب العرب، إلا ما خص به من العلم النبوي من طريق الوحي، فإن ذلك يخرق كل ما تدركه