إبراهيم فقبله وشمه، ثم دخلنا عليه بعد ذلك وإبراهيم يجود بنفسه، فجعلت عينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تذرفان، فقال ابن عوف: وأنت يا رسول الله، فقال يا ابن عوف: (إنها رحمة) ثم أتبعها بأخرى، فقال: (إن العين تدمع، وإن القلب يخشع، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا - عز وجل -، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون) (1).
وروى الشيخان، والإمام أحمد، وأبو داود، والنسائي، والبيهقي عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (أخذ الراية زيد فأصيب، ثم أخذها جعفر فأصيب، ثم أخذها عبد الله بن رواحة فأصيب)، وإن عيني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لتذرفان الحديث (2).
وروى أحمد بن منيع بسند على شرط الصحيحين عن قيس بن أبي حازم - رحمه الله تعالى - قال: جاء أسامة بن زيد - رضي الله تعالى عنهما - بعد قتل أبيه، فقام بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فدمعت عينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجاء من الغد فقام في مقامه ذلك، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (ألاقي أنا منك اليوم ما لقيت منك أمس) (3).
وروى ابن ماجة، وأبو يعلى الموصلي، عن عائشة - رضي الله تعالى عنها - قالت: لما وجع سعد، وجد به الموت، فبكى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر، وعمر، حتى إني لأعرف بكاء أبي بكر من بكاء عمر، وأنا أبكي، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تذرف عيناه، ويمسح وجهه، ولا يسمع صوته.
وروى البخاري، عن أنس - رضي الله تعالى عنه - قال: (شهدنا بنتا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالس على القبر فرأيت عينيه تدمعان) (4).
وروى ابن سعد، وابن أبي شيبة، عن عائشة - رضي الله تعالى عنها - قالت: كان عينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا تدمع على أحد، ولكن كان إذا وجد فإنما هو آخذ بلحيته) (5).
وروى الطبراني - مرسلا - برجال ثقات، عن أبي النضر سالم - رحمه الله تعالى - قال:
دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على عثمان بن مظعون، وهو يموت، فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بثوب فسجي عليه، وكان عثمان نازلا على امرأة من الأنصار، ويقال لها: أم معاذ قالت: فمكث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكبا عليه طويلا، وأصحابه معه ثم تنحى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فبكى، فلما بكى بكى أهل البيت، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (رحمك الله أبا السائب) (6).