وأمروهم بالصبر لها، فصبروا حتى غشيتهم فأكلت الأوثان وما قربوا معها ومن حمل ذلك من رجال حمير، وخرج الحبران بمصاحفهما في أعناقهما تعرق جباههما ولم تضرهما فأصفقت (1) عند ذلك حمير على دينهما، فمن هنالك كان أصل اليهودية باليمن.
قال ابن إسحاق: وقد حدثني محدث أن الحبرين ومن خرج من حمير إنما اتبعوا النار ليردوها، وقالوا: من ردها فهو أولى بالحق. فدنا منها رجال حمير بأوثانهم ليردوها فدنت منهم لتأكلهم فحادوا عنها ولم يستطيعوا ردها، فدنا منها الحبران بعد ذلك وجعلا يتلوان التوراة وهي تنكص (2) عنهما حتى رداها إلى مخرجها الذي خرجت منه، فأصفقت عند ذلك حمير على دينهما. والله أعلم أي ذلك كان.
قال ابن إسحاق: وكان رئام بيتا لهم يعظمونه وينحرون عنده ويكلمون منه إذ كانوا على شركهم، فقال الحبران لتبع: إنما هو شيطان يفتنهم بذلك، فحل بيننا وبينه.
قال. فشأنكما به. فاستخرجا منه فيما يزعم أهل اليمن كلبا أسود فذبحاه، ثم هدما ذلك البيت، فبقياه اليوم - كما ذكر لي - بها آثار الدماء التي كانت تهراق عليه.
وقد ذكرنا في التفسير الحديث الذي ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم " لا تسبوا تبعا فإنه قد كان أسلم " قال السهيلي: وروى معمر عن همام بن منبه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا تسبوا أسعد الحميري فإنه أول من كسى الكعبة ".
قال السهيلي: وقد قال تبع حين أخبره الحبران عن رسول الله صلى الله عليه وسلم شعرا:
شهدت على أحمد أنه * رسول من الله بارى النسم