قال: هيهات فات عن هذا سنى، وذهب عنه زمني، لقد رأيتني والنضر بن كنانة نرمي غرضا واحدا، ونشرب حلبا باردا، ولقد خرجت به من دوحة في غداة شبمة (1) وطلع مع الشمس وغرب معها، ويروى ما يسمع ويثبت ما يبصر، ولئن كان هذا من ولده لقد سل السيف وذهب الخوف، ودحض الزنا، وهلك الربا.
قال: فأخبرني ما يكون؟ قال: ذهبت الضراء والبؤس والمجاعة، والشدة والشجاعة إلا بقية في خزاعة. وذهبت الضراء والبؤس، والخلق المنفوس إلا بقية من الخزرج والأوس. وذهبت الخيلاء والفخر، والنميمة والغدر، إلا بقية في بني بكر. يعنى ابن هوازن. وذهب الفعل المندم والعمل المؤثم، إلا بقية في خثعم.
قال: أخبرني ما يكون؟ قال: إذا غلبت البرة، وكظمت الحرة، فاخرج من بلاد الهجرة، وإذا كف السلام، وقطعت الأرحام، فاخرج من البلد الحرام. قال: أخبرني ما يكون؟ قال: لولا أذن تسمع، وعين تلمع، لأخبرتك بما تفزع. ثم قال:
لا منام هدأته بنعيم * يا ابن غوط ولا صباح أتانا قال: ثم صرصر صرصرة كأنها صرصرة حبلى، فذهب الفجر، فذهبت لأنظر فإذا عظاية (2) وثعبان ميتان.
قال: فما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم هاجر إلى المدينة إلا بهذا الحديث.
ثم رواه عن محمد بن جعفر، عن إبراهيم بن علي، عن النضر بن سلمة، عن حسان ابن عبادة بن موسى، عن عبد الحميد بن بهرام، عن شهر، عن ابن عباس عن سعد بن عبادة. قال: لما بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة العقبة خرجت إلى حضرموت لبعض الحاج، قال: فقضيت حاجتي ثم أقبلت حتى إذا كنت ببعض الطريق نمت، ففزعت من الليل بصائح يقول: