حتى أضاءت له قصور الشام حين ولد، وما كان من سقوطه جاثيا رافعا رأسه إلى السماء، وانفلاق تلك البرمة عن وجهه الكريم، وما شوهد من النور في المنزل الذي ولد فيه ودنو النجوم منهم وغير ذلك.
حكى السهيلي عن تفسير بقى بن مخلد الحافظ، أن إبليس رن أربع رنات:
حين لعن، وحين أهبط، وحين ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحين أنزلت الفاتحة.
قال محمد بن إسحاق: وكان هشام بن عروة يحدث عن أبيه عن عائشة قالت: كان يهودي قد سكن مكة يتجر بها، فلما كانت الليلة التي ولد فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في مجلس قريش: يا معشر قريش هل ولد فيكم الليلة مولود؟ فقال القوم:
والله ما نعلمه. فقال الله أكبر، أما إذا أخطأكم فلا بأس، انظروا واحفظوا ما أقول لكم: ولد هذه الليلة نبي هذه الأمة الأخيرة، بين كتفيه علامة فيها شعرات متواترات كأنهن عرف فرس، لا يرضع ليلتين، وذلك أن عفريتا من الجن أدخل أصبعه في فمه فمنعه الرضاع.
فتصدع القوم من مجلسهم وهم يتعجبون؟؟ من قوله وحديثه، فلما صاروا إلى منازلهم أخبر كل إنسان منهم أهله فقالوا: قد والله ولد لعبد الله بن عبد المطلب غلام سموه محمدا.
فالتقى القوم فقالوا: هل سمعتم حديث اليهودي وهل بلغكم مولد هذا الغلام؟ فانطلقوا حتى جاءوا اليهودي فأخبروه الخبر. قال فاذهبوا معي حتى أنظر إليه. فخرجوا به حتى أدخلوه على آمنة فقالوا: أخرجي إلينا ابنك. فأخرجته وكشفوا له عن ظهره. فرأى تلك الشامة، فوقع اليهودي مغشيا عليه، فلما أفاق قالوا له: مالك ويلك؟ قال: قد ذهبت والله