ولما توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم وسجته (1) الملائكة دهش الناس وطاشت عقولهم واختلفت أحوالهم في ذلك فأما عمر فكان ممن خبل فجعل يقول إنه والله ما مات ولكنه ذهب إلى ربه كما ذهب موسى بن عمران حين غاب عن قومه أربعين ليلة ثم رجع إليهم. وأما عثمان فأخرس حتى جعل يذهب به ويجاء وهو لا يتكلم. وأقعد على وأضنى عبد الله بن أنيس من الضنى وهو المرض. وبلغ أبا بكر الخبر وكان بالسنح فجاء وعيناه تهملان فقبل النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبكى. وقال بأبي أنت وأمي طبت حيا وميتا. وتكلم كلاما بليغا سكن به نفوس المسلمين وثبت جأشهم. وكان أثبت القوم رضي الله عنه وغسله عليه السلام على والعباس وابناه الفضل وقثم ومولياه أسامة وشقران. وحضرهم أوس بن خولي الأنصاري. وكفن في ثلاثة أثواب بيض سحولية ليس فيها قميص ولا عمامة. وصلى عليه المسلمون أفذاذا لم يؤمهم أحد وفرش تحته قطيفة حمراء كان يتغطى بها. ودخل قبره العباس وعلى والفضل وقثم وشقران وأطبق عليه تسع لبنات. ودفن في الموضع الذي توفاه الله فيه حول فراشه. وكانوا قد اختلفوا في غسله فقالوا والله ما ندري أنجرد رسول الله من ثيابه كما تجرد موتانا أو نغسله وعليه ثيابه. فلما اختلفوا ألقى الله عليهم النوم وكلمهم مكلم من ناحية البيت لا يدرون من هو: إغسلوا النبي صلى الله عليه وسلم وعليه ثيابه فقاموا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فغسلوه وعليه قميصه يصبون عليه الماء فوق القميص ويدلكونه والقميص دون أيديهم: فأسنده على إلى صدره والعباس والفضل وقنم يقلبونه معهم وأسامة وشقران يصبان الماء وعلى يغسله بيده. واختلفوا في موضع دفنه هل يكون في مسجده أو مع أصحابه: فقال أبو بكر ادفنوه في الموضع الذي قبض فيه فان الله لم يقبض روحه إلا في مكان طيب فعلموا ان قد صدق. وكان أبو عبيدة بن الجراح يضرح كحفر أهل مكة وأبو طلحة
(٤٣٣)