تبوك فقال بعضهم لبعض أتحسبون جلاد بنى الأصفر كقتال العرب بعضهم بعضا والله لكأنكم غدا مقرنين في الحبال إرجافا وترهيبا للمؤمنين فقال مخشن بن حمير والله لوددت أنى أقاضي على أن يضرب كل منا مائة جلدة وانا ننفلت أن ينزل فينا قرآن لمقالتكم هذه وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بلغني لعمار بن ياسر أدرك القوم فإنهم قد احترقوا فسلهم عما قالوا فان أنكروا فقل بلى قلتم كذا وكذا فانطلق إليهم عمار فقال ذلك لهم فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتذرون إليه فقال وديعة بن ثابت إنما كنا نخوض ونلعب فأنزل الله فيهم (ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب) وقال مخشن بن حمير والله يا رسول الله قعد بي اسمى واسم أبى فكان الذي عفى عنه في هذه الآية فتسمى عبد الرحمن وسأل الله أن يقتله شهيدا لا يعلم بمكانه فقتل يوم اليمامة فلم يوجد له أثر.
وذكر ابن عائذ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل تبوك في زمان قل ماؤها فيه فاغترف رسول الله صلى الله عليه وسلم غرفة بيده من ماء فمضمض بها فاه ثم بصقه فيها ففارت عينها حتى امتلأت فهي كذلك حتى الساعة. ولما انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى تبوك أتاه يحنة بن رؤبة صاحب إيلة فصالح رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعطاه الجزية وأتاه أهل جرباء وأدرح فأعطوه الجزية وكتب لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم كتابا وهو عندهم وكتب ليحنة بالمصالحة: بسم الله الرحمن الرحيم هذا أمنة من الله ومحمد النبي رسول الله صلى الله عليه وسلم ليحنة بن رؤبة وأهل إيلة سفنهم وسيارتهم في البر والبحر لهم ذمة الله ومحمد النبي ومن كان معهم من أهل الشام وأهل اليمن وأهل البحر فمن أحدث منهم حدثا فإنه لا يحول ماله دون نفسه وإنه طيبة لمن أخذه من الناس وأنه لا يحل أن يمنعوا ماء يردونه ولا طريقا يردونه من بر أو بحر.