لدنياهم كما زعموا فليس على جميع الناس واجبا أن يقبلوا ذلك فمن شاء أن يقيمه أقامه ومن شاء أن يمتنع امتنع من ذلك، فإن امتنعوا من ذلك تركوا علتهم التي أصلوها بزعمهم أنهم رضوا لدنياهم من رضيه رسول الله لدينهم ومن ترك علته وخرج عن أصله الذي عليه معوله ومذهبه فقد لزمه عند جميع أهل النظر مفارقة مذهبه والدحوض لحجته وكفى بذلك خزيا لمن أقام عليه، وإن هم أجازوا الاختيار من الناس لإقامته فمن شاء أقامه لدنياه ومن شاء لم يقمه لزمهم في حكم النظر أن يكون القوم الذين أقاموه لدنياهم آمرين ناهين له له في كل أحواله ولا أمر له عليهم ولا طاعة إذ كل دين وشريعة وملة ومعقول يوجب أن كل من كان له وكيل في دنياه فطاعته وأمره ونهيه لازم لموكله ولا طاعة للوكيل ولا أمر له معه ولا نهي، وإذا كان ذلك كذلك فقد أخرجوا أبا بكر من حدود الإمامة وهم لا يعلمون ومع ذلك فقد الزموا أبا بكر الظلم والتعدي بل الكفر في قتله الذين منعوه زكاتهم وسبي ذراريهم (1) وأبا فروج حريمهم فبأمر من فعل ذلك ومن الذي أوجب له ذلك منهم وإنما هو بزعمهم وكيل لمن رضيه لدنياه فإن القوم لم يرضوه لدنياهم وكيلا وليس ذلك عليهم بواجب في الدين ولا في أحكام العقول لأن كل إنسان مخير إن شاء أقام وكيلا وإن شاء قام هو بنفسه دون غيره، هذا مع ما يلزمهم في حق النظر على أصل علتهم هذه أن يكون كل من قدمه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم للصلاة بقوم في مصر من الأمصار وقبيلة من القبائل فقد رضيه لدينهم، ويجب على كل قوم أن يرضوا لدنياهم من رضيه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لدينهم فيرضى أهل مكة من أقامه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم للصلاة بهم لدنياهم وكذلك أهل الطائف وأهل
(٢١)