العسرة يسألونه أن يحملهم ويقويهم بما يستعينون على الجهاد ولم يكن عند رسول الله (ص) شئ مما يقويهم به فرخص لهم في التخلف عنه إذ لم يجد ما يقويهم وتلك حال ضرورة فانصرفوا عنه يبكون أسفا منهم على الجهاد وما يفوتهم منه لضعفهم فوصفهم الله عز وجل في كتابه فسموا الباكين فقال سبحانه " ليس على الضعفاء ولا على المرضى ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج إذا نصحوا لله ورسوله ما على المحسنين من سبيل والله غفور رحيم. ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه تولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنا إلا يجدون ما ينفقون " وقد علم جميع أهل الأثر أن عثمان كان أكثر الصحابة يومئذ مالا فما باله لا يجهز أولئك الضعفاء الذين كانوا راغبين في الجهاد وقد كان يمكنه ذلك أفلا ترى إلى فساد كل ما يدعونه وكيف يرشد الله أولياؤه المؤمنين إلى معرفته وكشف باطله وإظهار تخرصهم ولله المنة على أوليائه فيما أرشدهم إليه من هدايته.
ومثله من كذبهم في روايتهم أن رسول الله (ص) قال بزعمهم من يشتري بئر رومة وله الجنة فاشتراها عثمان من ماله وجعلها للسبيل، أفرأيت لو سلمنا لهم اشتراءه لبئر رومة من أين لهم صحة ما ادعوه من ضمان رسول الله (ص) له الجنة على ذلك وخصومهم يمنعونهم من ذلك، وإذا وجدت أفعال عثمان مخالفة لأفعال من يستحق الجنة كان محالا أن يكون الرسول (ص) جهل معرفة ذلك حتى يضمن له الجنة وهو غير مستحق لها. وقد وجدنا من أفعاله وبدعه وتعطيله لحدود الله وما أوجبه الله في دينه ما قد شرحناه متقدما في باب بدعه ما يدلنا ومن كان من ذوي الفهم على أن ما ادعوه من ضمان رسول الله - ص - له بالجنة باطل وزور وبهتان وتخرض وافتراء ولسنا مع ذلك بزعمهم نمنع عن شراء بئر رومة ولا عن أكثر منها إذا كان غير نافع لمن لم يعمل عملا صالحا ويمهد مهادا راجحا والله لا يصلح