ومثله في الكذب والمحال وفظيع المقال روايتهم أن عمر نادى في المدينة يا سارية الجبل وهو بنهاوند فسمع سارية وهو بنهاوند صوته حين وقعت عليه الهزيمة وعلى أصحابه وهو يقول يا سارية الجبل يا سارية الجبل فهذه معجزة من أجل معجزات الرسل والأنبياء عليهم السلام لو ظهرت منهم ولم يجد مثلها لأحد منهم ولعمري لو ظهرت منهم ما استبعدنا ذلك ولا استعظمناه منهم ولكنها عند كثير من الناس من المحاولات ولو رويت، ومن كان في محل من يأتي بمثل هذه المعجزة من المحال أن لا يأتي باية دونها ومثلها وفوقها، فلما لم يجد القوم نظيرا لها من المعجزات ولا ما هو دونها ووجدنا أيضا مع ذلك أولياؤه إذا طولبوا بالاقرار أنه قد كان له أو لمن تقدم من صاحبه الذي هو عندهم أفضل منه معجزة أنكروا أن تكون المعجزات إلا للرسل وكان هذا كله دالا على إبطال تخرصهم، على أنا قد رأينا جماعة من فقهاء أصحاب الحديث ينكرون صحة هذا الخبر ويبطلونه ويطعنون على الراوي له وفي هذا كفاية لمن فهم ونظر.
وأظهر من هذا الخبر كذبا وأبين منه محالا ما رووه تخرصا وافتراء أن الرسول (ص) قال بزعمهم اللهم أعز الاسلام بأعز الرجلين إليك بعمر أو بأبي جهل بن هشام، فسبحان الله ما أجسرهم على الله بما يتخرصون من الكذب والافتراء عليه وعلى رسوله وهل يجوز عند أهل النظر والفهم أن يكون رسول الله " ص " الذي جعله حجة بينه وبين خلقه يقوم فيهم مقامه فيوجب لمن اتبعه النعيم المقيم ولمن عصاه العذاب الأليم بمحل من هذا الجهل حتى يسأل الله سبحانه أن يعز الاسلام وهو دينه الذي ارتضاه لعباده المؤمنين بأحد رجلين معاديين لله ورسوله متظاهرين بالكفر والالحاد والعتو والعناد وبعبادة الأوثان والعداة لأولياء الرحمن أليس قد أوجب من تخرص هذا الخبر أن يكون عمر أجل منزلة في العز المنيع والقدر الرفيع عند الله من رسوله (ص) إذ كان لم يعز دينه برسوله