أمين غير أبي عبيدة فكفى بهذا القول خزيا لقائله، إن قالوا كان أمينهم على كل شئ كان لهم عنده قلنا لهم عرفونا ذلك أي شئ فكانوا في ذلك صما بكما عميا فقيل لهم قلة معرفتكم بذلك ووجود جهلكم به دليل على صحة خبر أهل البيت عليهم السلام، وهذا الحال من جهلكم يوجب التهمة لأبي عبيدة ومن كان بهذه الصفة كان بعيدا من الشهادة له بالجنة فهل ترون فيما شرحناه من أحوال هذه للتسعة حالا يوجب لهم ما ادعاه أهل الغفلة وما تخرصوا فيهم أهل الضلالة كلا إن الله لا يصلح عمل المفسدين.
وأما ما رووا من تخرصهم أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم قال بزعمهم أن الله اطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم من أعمال الشر أو قال اعملوا ما شئتم من أعمال الخير والبر فإن قالوا أراد أعمال الخير والبر قيل لهم هذا غير مستنكر أن يكون الله قد غفر لهم ما كان منهم من كراهية الجهاد في هذه المواطن كما أخبر عنهم في قوله " كما أخرجك ربك من بيتك بالحق وإن فريقا من المؤمنين لكارهون " إلى آخر القصة فهذه أحوال كلها مذمومة من أهل بدر فجائز أن يكون الله قد غفر لهم من بعد بأفعال جميلة ظهرت منهم ثم قال له رسول الله (ص) استأنفوا عمل الخير بالطاعة وحسن العمل والتسليم، وإن كان هذا فيهم كذلك فليس هذا حالا يوجب لأهل بدر كلهم النجاة بل يوجب لمن استأنف منهم أعمال الخير بالسارعة إلى الطاعة والانقياد بالرضا والتسليم إلى ما قد وعدهم الله من المغفرة والعفو عن الدين وصفهم فيه بالأعمال المذمومة ومن قصر في ذلك وجرى إلى خلاف ما يرتضيه الله منه حمله من بعد معانيه مما يلزم غيره من المسلمين وإن قالوا أنه أراد بقوله اعملوا ما شئتم من الأعمال السيئة كان قائل هذا جاهلا متخرصا لأن هذا يوجب إباحة المحارم لأهل بدر والتحليل لهم ما حرمه الله على غيرهم في الشريعة من الزنى والربا وشرب الخمر وقتل النفس التي