لي الغار وإنما كان هاربا ببدنه طالبا بذلك النجاة لنفسه دون أن يكون ذلك منفعة لغيره، فإن كان مؤنسا للرسول (ص) جهلوا في هذا لأن رسول الله (ص) لم يكن مستوحشا والله مؤنسه أفضل أنسا من أبي بكر وغيره، وملائكة ربه نازلة من آناء الليل وأطراف النهار كما قال الله عز وجل (فأنزل الله سكينته عليه وأيده بروح القدس وأيده بجنود لم تروها) يعني الملائكة، وكما قال جل اسمه مخبرا عن الرسول (ص) (يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا) فمن يأنس بالله وملائكته كان محالا أن يأنس بغيرهم ولو كان أيضا ذلك كذلك لكان ثوبه له دون غيره ولم تكن فيه منفعة لسواء فتكون له فضيلة على غيره، ولقد كانت المنة لله ولرسوله عليه ذلك إذ قبله صاحبا وهداه بزعمهم ثم نقول في ذلك بعد هذا كله إن الله قد أخبرنا في قصته وقصة الرسول (ص) بما دلك على تهمته في إيمانه لأنه قال جل من قائل، ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا. ثم قال فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها، فأخبر أنه أنزل السكينة عليه دون أبي بكر ولم يذكر أبا بكر في السكينة كما أخبرنا في موطن آخر أنه أنزل السكينة على الرسول وعلى المؤمنين حيث يقول في سورة التوبة، لقد نصركم الله في مواطن كثيرة ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين
(٢٤)