وفي آخره خاذلا فقد حقت عليه الدعوة بالعداوة والخذلان جميعا من الله ورسوله ومن حقت عليه دعوة الرسول (ص) بذلك فالنار أولى به من الجنة وأما طلحة بن عبيد الله فإنه قتل في معركة الحرب قتله مروان ابن الحكم وزعم أنه بقتله طلب دم عثمان فإن طلحة كان ممن حضر في دار عثمان، فقتلا جميعا طلحة والزبير محاربين خاذلين مع ما قد سمعناه من دعوة الرسول (ص) بالعداوة من الله والخذلان لفاعل ذلك، وليس يخلو حالهما في ذلك أن يكونا استهانا بدعوة الرسول " ص " وعداوة الله أو أن يكونا قد رأى أن دعوة الرسول (ص) غير مجابة، ولا وجه ثالث لهما يوجب تأويله في دعوة الرسول (ص) بذلك ومن قصد الوجهين أو واحدا منهما فقد خرج من دين الله وشريعة الاسلام. هذا مع ما يلزمهما من عقوبة ما قصدا له من الأذى الذي أدخلاه على رسول الله (ص) بإخراجهما زوجته من بيتها ومن سترها وما ضربه الرسول (ص) من الحجاب لأنه من المحال أن يخرجا زوجته من بيتها ومن سترها إلى مواطن الحرب وتصفح وجوه الرجال في مواقف الصفوف والعساكر إلا وهما قد ادخلا على رسول الله (ص) الأذى العظيم بذلك والله يقول " إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة واعد لهم عذابا مهينا " هذا وقد سمعنا الله يأمر نساء النبي " ص " بالاستقرار في بيوتهن بقوله " يا نساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولا معروفا وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى " فاستخفا جميعا بأمر الله في ذلك وحملاها على مخالفة الرسول - ص - فيما أمرت به ونهيت عنه وكان الواجب عليهما فيما يلزمهما من طاعة الله وحق رسوله أن لو أرادت عائشة الخروج معهما واستدعت ذلك منهما أن يمنعاها من ذلك ويلزماها بيتها صيانة لحرمة رسول الله - ص - وينهياها عن مخالفة
(٦٢)