اليمن وكل بلد فتحه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يرضون لدنياهم من قدمه صلى عليه وآله وسلم للصلاة بهم، وكذلك جميع البوادي والقبائل والقرى والسرايا وذلك أن رسول الله (ص) إنما أقام أبا بكر على دعواهم للصلاة باهل المدينة دون غيرهم من سائر النواحي فكان لأهل المدينة خاصة وارتضاه رسول (ص) لهم بزعمهم كما ارتضى لأهل مكة صاحبهم المصلي بهم من قبله وكما يرتضي لأهل كل مصر وكل قبيلة وليس لأهل المدينة أن يتحكموا على غيرهم برأيهم فكل قوم فلهم أن يختاروا لأنفسهم صاحبهم كما لأهل المدينة ذلك. فإن طالب أهل المدينة أهل مكة الدخول معهم والرضا بصاحبهم قال أهل مكة لأهل المدينة إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بزعمكم اختار صاحبكم للصلاة بكم دون غيركم ولم يختره لنا فرضيه لكم وكذلك اختار لنا رجلا غيره فرضيه لنا كما رضي صاحبكم لكم فنحن نختار صاحبنا كما اخترتم أنتم صاحبكم إذ كنا نحن وأنتم مختارين في هذا الأمر من غير أمر من الرسول (ص) معكم ولا معنا في ذلك فقد تساوينا في الاختيار فإن منعوا ذلك بأن ظلمهم وظهرت فضيحتهم وانكسرت حجتهم وخرجوا عن أصلهم وتركوا علتهم وإن اختاروه كثرت الخلفاء والأئمة في جميع الأمصار وكفى بهذا المذهب خزيا لمن أقام عليه وناضل عنه بعد هذا البيان عند من فهم وأما ما احتجوا به من قول الله تعالى (ثاني اثنين إذ هما في الغار) وإن ذلك أبو بكر الذي كان مع رسول الله (ص) في الغار ومن قال إنهم كانوا خمسة ليس كما قال الله تعالى (ثاني اثنين إذ هما في الغار) وما نجد لأبي بكر في هذا الحال فضيلة على غيره لأنه صحب الرسول (ص) في تلك الحال فلم يدفع بصحبته للرسول (ص) ضيما ولا حارب عنه عدوا ولا وجدنا في الآية مديحا بفضل أكثر من خروجه معه وذكر حجته له وقد أخبرنا الله جل اسمه في كتابه أن الصحبة قد تكون للكافر مع المؤمن حيث يقول (قال له صاحبه وهو يحاوره أكفرت بالذي خلقك من تراب ثم
(٢٢)