وقد احتج المجادلون بقول الله تعالى (والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولاخواننا الذين سبقونا بالإيمان) فيقال أليس قد أوجب على من جاؤوا من بعدهم الاستغفار لمن تقدمهم. قيل لهم ضل عنكم معرفة مواطن التنزيل ومعالمه فضللتم أيضا عن معرفة التأويل وحقائقه (1) وهذا إخبار من الله عز وجل لا إيجاب وذلك أنه وصف الصحابة على منازل ثلاث منهم المهاجرون والأنصار، ثم الذين أسلموا ولم يكونوا من المهاجرين ولا من الأنصار من أهل البوادي والبلدان الذين أسلموا وأقاموا في بلدانهم كما قال الله عز وجل (والذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك بعضهم أولياء بعض والذين آمنوا ولم يهاجروا مالكم في ولايتهم من شي حتى يهاجروا وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر إلا على قوم بينكم وبينهم ميثاق) كذلك أيضا قال في الآية الأولى يخبر عن الذين أسلموا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وجعل لهم حظوظهم في الفئ والصدقات فبدأ بذكر المهاجرين ثم ثنى بالأنصار ثم ثلث بذكر الذين ليسوا من المهاجرين ولا من الأنصار فقال عز وجل (للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون والذين تبوؤا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون
(٨٥)