الصحبة أنها تكون لمؤمن مع كافر ما فيه كفاية لمن فهم وفي هذا إخراجه من كل خبر ذكر الله به المهاجرين في كتابه إذ لم يكن منهم فانظروا يا أهل النظر إلى ما عليهم وعلى صاحبهم في هذه المواطن التي هي أجل مناقب صاحبهم وأعظم فضائله عندهم وبها يصولون وعليها يعولون، وهكذا لعمري سيل أهل الباطل ينقض عمري باطلهم والله عليهم من كل جهة راموا إثبات حجة منها لباطلهم ولله المنة على أوليائه بما بصرهم من نور هدايته.
وأما ما زعموا من قولهم أن أبا بكر وعمر وزراء رسول الله (ص) فلسنا نعرف الوزارة في اللغة إلا المعونة لا غير فمعونة رسول الله " ص " لا تكون إلا من جهتين لا ثالث لهما، في المعونة في التأدية والابلاغ إلى الناس من دين الله الذي جاء به من عنده كما قال عز وجل " ولقد آتينا موسى الكتاب وجعلنا أخاه هارون وزيرا " وكان هارون عليه السلام مؤديا معه رسالات الله ومعينا له على دين الله، والوجه الثاني هو المعونة بمجاهدة الكفار ومحاربتهم ولا نعرف في معونة الرسول وجها ثالثا وذلك أن في الوزارة لسائر الناس غير الرسل ما يكون معه الرأي والمشورة والتدبير وهذا حال لا يضن لأحد مع الرسل لأن الرسل لا يستعملون آرائهم وتدبيرهم دون تدبير الله تعالى وأمرهم وإنما هم يصدرون عن أمر الله ونهيه وتدبيره في وجوه تصرفاتهم من حرب إلى سلم إلى تقدم إلى تأخر إلى غير ذلك (1) ومن كان الله مدبره ومختارا له في تصرفاته كان مستغنيا عن مشاورة رعيته