من نطفة ثم سواك رجلا) الآية فما في الآية فما في الصحبة منقبة تعد فضيلة (1) وليس لمن نظر لنفسه فاتبع سبيل ربه طالبا لخلاصه في الهرب ببدنه منه على غيره فأي حال أوجب المنة لأبي بكر على غيره في صحبة الرسول
(1) قال السيد الشريف المرتضى علم الهدى رحمه الله في الشافي (ص 221) في رده لقاضي القضاة حيث جعل قصة الغار فضيلة لأبي بكر (ما نصه) أما قوله أنه كان صاحبه في الغار فإنا متى اعتبرنا قصة الغار لم نجد فيها لأبي بكر فضلا بل وجدناه منهيا والنهي من الرسول (ص) لا يتوجه إلا إلى قبيح، ونحن نبين ما يقتضيه سيقرأ الآية، أما قوله تعالى (ثاني اثنين) فليس فيه أكثر من إخبار عن عدد وقد يكون ثانيا لغيره من لا يشركه في إيمان ولا فضل، ثم قال (إذ يقول لصاحبه) وليس في التسمية بالصحبة فضل لأنها قد تحصل من الولي والعدو والمؤمن والكافر قال الله تعالى مخبرا عن مؤمن وكافر اصطحبا (قال له صاحبه وهو يحاوره أكفرت بالذي خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سواك رجلا) ثم قال (لا تحزن) فنهاه عن الاستمرار على حزن وقع منه بلا خلاف لأن الرواية وردت بأنه جزع ونشج بالبكاء، وإنما ذكرنا ذلك لئلا يقولوا إنما نهاه عما لا يقع منه، وظاهر نهيه صلى الله عليه وآله وسلم يدل على قبح الفعل وإنما يحمل النهي في بعض المواضع على التشجيع والتسكين؟ بدلالة توجب العدل وعن الظاهر، وهذا يدل على وقوع المعصية من الرجل في الحال، وأما قوله تعالى (إن الله معنا) فمعناه أنه عالم بحالنا كما قال تعالى (ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم إنما كانوا) فليس في ذلك أيضا فضل، وقد قيل إن لفظة معنا تختص النبي (ص) وحده دون من كان معه وقد يستعمل الواحد العظيم هذه اللفظة في العبارة عن نفسه كما قال تعالى " إنا أرسلنا نوحا، وإنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون " ثم قال " فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها " وإنزال السكينة إنما كان على النبي (ص) بدلالة قوله (وأيده بجنود لم تروها) وهم الملائكة وبدلالة أن الهاء من أول الآية إلى آخرها كناية عن النبي (ص) ولم تنزل السكينة على النبي في غير هذا المقام إلا عمت من كان معه من المؤمنين قال الله تعالى في يوم حنين " فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين " وقال تعالى " إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين، وفي اختصاص الرسول (ص) في الغار بالسكينة دون من كان معه ما فيه. (الكاتب)