ولا يقتصر عليه دون الشواهد والعلامات والدلائل الواضحات الدالة على تحقيقها أو بطلانها إذ كان من يظن به أمثالنا الصدق قد يجوز أن يكذب بحال من الأحوال الحقيقية وكذلك من يظن به أمثالنا الكذب يجوز أن يصدق بحال يقوم له في ذلك، فلهذا أو شبهه لم يثق بإطراح خبر ولا بحقيقة من عدو ولا ولي حتى يعلم صحته أو بطلانه بالشواهد اللائحة والأعلام الواضحة، واتبعنا في ذلك تأديب الله عز وجل من قائل إذ يقول (أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها) وقال (ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا) فأمر الله أن يتدبروا لكتابه ليتحقق حقه ويزول الخلاف فيه وعنه، وإذا كان جمع أبواب الحق ووجوهه متفقة متسقة كان جمع أبواب الباطل وسبله متضادة مختلفة. وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سيكذب علي فأعرضوا ما تحدثوا به عني على كتاب ربي فما وافق كتاب الله فخذوه وما خالف كتاب الله فانبذوه وأخبر أن كتاب الله مع أهل بيته مقرونا بهم لا يفارقهم ولا يفارقونه فدل ذلك على أنهم علماؤه فوجب الرجوع إلى أهل بيته (ع) في تحقيق الأشياء إذ كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أمرنا أن نحقق أخباره بكتاب الله ولسنا نحيط بكتاب الله علما ولا شك في إحاطة أهل بيت رسول الله (ع) بعلمه إذ قرنهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم به فأوجبنا عند ذلك في كل ما نقل إلينا من أخبار رسول الله (ص) النظر والتمييز ليتحقق لنا حقها ويتضح لنا باطلها ولو عولنا في ذلك على ما تذهب إليه الحشوية في الأخبار لقلنا أن بلالا مولى أبي بكر وعائشة ابنته ويجوز أن يتهم بلال في الميل إلى مولاه وتتهم عائشة في الميل إلى أبيها ويبطل الحديث من هذه الجهة لكن هذه الحالة لا نرضاها لأنفسنا فنقول في فساد هذا الخبر وبالله التوفيق. إن أول ما يدل على فساده أنهم مختلفون في روايتهم (فمنهم من روى أن أبا بكر صلى بالناس أياما في حياة الرسول (ص) في علته (ومنهم) يقول إنه قدمه لصلاة واحدة وهي
(١٤)