الصلاة التي توفي عقبها وقالوا لما كبر أبو بكر في المحراب خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بين علي (ع) والفضل بن العباس ورجلاه تخطان في الأرض ضعفا من العلة فدخل المحراب وصلى بالناس في روايتهم قاعدا ثم اختلفوا أيضا فقالوا إنه أزال أبا بكر عن المحراب وأقامه بينه وبين الصف الأول فكان أبو بكر يصلي بصلاة الرسول (ص) والناس يصلون بصلاة أبي بكر. وفي قول آخر بقي معه في المحراب يصليان جميعا، فلما اختلفوا في هذه الرواية هذا الاختلاف الذي شرحناه وهي عندهم من أفضل مناقب صاحبهم التي بها بزعمهم استحق الإمامة عندهم كان اختلافهم فيها دليلا على إبطال ما ادعوه من تقديم رسول الله (ص) له ولو قدمه كما زعموا ما اختلفوا فيه على هذا الحال كما لم يختلفوا في تقديم عتاب بن أسيد للصلاة بالناس بمكة حين فتحها الرسول (ص) ومحال أن يكون الرسول (ص) يقدم رجلا للصلاة في مسجده فيجهل له أولياؤه حتى لا يدرون هل صلى أم لم يصل أو هل أزاله الرسول (ص) عن المحراب إن لم يزله.
فهذا أحد الدلائل على إبطال ما يدعونه من هذه الرواية وقد أجمعوا مع ذلك في روايتهم أن الرسول ص خرج حين كبر أبو بكر في المحراب في آخر صلاة صلاها رسول الله ص وهي صلاة العصر التي توفي عقبها قبل أن تغرب الشمس. فنقول إن كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قدمه للصلاة على زعمهم وبدعواهم ثم خرج بعد ذلك فأزاله عن الصلاة بالناس وصلى هو بهم فإن الحال لا يخلوا في هذا من أن يكون الرسول صلى الله عليه وآله وسلم قدمه للصلاة بوحي من الله أو برأي قد رآه من نفسه فإن كان قدمه للصلاة بوحي من الله ثم خرج فمنعه من الصلاة بالناس فقد عصى الله بمخالفته الله فيما أمره من تقديم أبي بكر للصلاة بالناس، وقائل هذا كافر بلا خلاف، وإن كان الرسول (ص) قدمه برأي رآه من نفسه فليس يخلو حاله في إزالته من أن يكون برأي منه أو بوحي من الله، فإن كان أزاله