عليه هذا الخريت وجعل يجمع الجنود ويدعو إلى خلع علي والبراءة منه، حتى أجابه إلى ذلك خلق كثير، ثم إنه احتوى على البلاد وجبى الأموال، وبلغ ذلك عليا فدعا رجلا من خيار أصحابه يقال له: معقل بن قيس الرياحي، فضم إليه أربعة آلاف رجل ووجهه إلى الخريت.
قال: فسار الخريت في عشرة آلاف رجل من أهل الأهواز ومن بني ناجية ومواليهم (1).
قال: ودنا القوم بعضهم من بعض، فقال معقل بن قيس: أيها الناس! أين الخريت بن راشد؟ فليخرج إلي فإني أريد كلامه، قال: فخرج إليه الخريت حتى واقفه، ثم قال: أنا الخريت فهات ما الذي تريد! فقال له معقل: ويحك لم خرجت على أمير المؤمنين ودعوت الناس إلى خلعه والبراءة منه وقد كنت من خيار أصحابه وأوثق الناس عنده؟ فقال: لأنه حكم في حق هو له، فقال له معقل:
ويحك! أمن أهل الإسلام أنت؟ قال: نعم، أنا من أهل الإسلام، فقل ما بدا لك.
فقال له معقل: خبرني لو أنك خرجت حاجا فقتلت شيئا من الصيد مما قد نهى الله عز وجل عنه، ثم أتيت عليا فاستفتيته في ذلك فأفتاك، هل كان عندك رضى؟
فقال: بلى، لعمري إنه عندي لرضى، وقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: أقضاكم علي، فقال له معقل بن قيس: فكيف ترضى به في علمه ولا ترضى فيما حكم؟ فقال: لأني لا أعلم أحدا من الناس حكم في شيء هو له. فقال: يا هذا! إن الذي لا تعلمه أنت هو أكثر من الذي علمته، إنا وجدنا عليا يحكم في جميع ما اختلفنا فيه وقد رضينا بحكمه، فاتق الله وإياك وشق العصا! وارجع إلى ما كنت عليه من السمع والطاعة، فأمير المؤمنين أعلم بما يأتي ويذر، فقال الخريت: لا والله لا يكون ذلك ولا تحدثت العرب به أبدا، وما لكم عندي ولصاحبكم إلا السيف.
قال: ثم صاح بأصحابه وحمل على معقل بن قيس، وحمل عليهم معقل في أصحابه واختلط القوم بعضهم من بعض، فقصده معقل من بين أصحابه، فضربه