اذهب فادع إلي الحكم بن بشر الثقفي (1)! وقعد زياد فكتب العهد على خراسان، وذهب الغلام فغلط فدعا الكم بن عمرو الغفاري، فلما رآه زياد علم أن الغلام قد غلط فتبسم ثم قال: يا حكم! أردت أمرا وأراد الله أمرا، فخذ هذا العهد واضمم إليك الناس وسر إلى خراسان فقد وليتك حربها وخراجها.
قال: وكان الحكم بن عمرو هذا رجلا من الصالحين، وكانت له صحبة مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (2): فأخذ العهد ونادى في الناس، فصار إليه خلق كثير من قبائل من أهل البصرة ممن يريد الجهاد في سبيل الله، فوضع لهم الأرزاق وأعطاهم وقواهم.
ثم خرج بهم نحو بلاد خراسان، فأخذ عن طريق فارس وسلك من فارس على الطريق الأعظم إلى خراسان، فلم يزل من مدينة إلى مدينة يتقدم ويفتح حتى صار إلى مدينة مرو فنزلها.
ثم كتب إلى زياد بن أبيه يخبره بما فتح الله على يديه، وما عنده من الغنائم.
فكتب زياد بذلك إلى معاوية، فكتب معاوية إلى زياد أن اكتب إلى الحكم بن عمرو أن يحتفظ بالصفراء والبيضاء فيحمل ذلك إلى بيت المال بالشام ويقسم باقي ذلك في المسلمين. قال: فكتب زياد بذلك إلى الحكم.
فلما ورد كتاب زيد على الحكم قام في الناس خطيبا فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أيها الناس! إن معاوية كتب إلى زياد بن أبيه يأمره أن يأمرني أن أحتفظ بالصفراء والبيضاء، وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: لو أن السماوات والأرض كانتا حلقة على رجل اتقى الله لفرج الله عنه. وقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أولى أن يؤخذ به من قول معاوية وزياد (3)، فاجتمعوا رحمكم الله إلى فيئكم الذي أفاء الله به عليكم!
قال: ثم أخرج الحكم بن عمرو الخمس من تلك الغنائم فوجه بها إلى زياد، وقسم باقي الغنائم في المسلمين، ثم قال: اللهم! إني سئمت بني أمية وسأموني فأرحهم