ومن أحرق قوما أحرقناه، ومن نقب بيتا نقبنا عن قلبه، ومن نبش قبرا دفناه فيه حيا، فكفوا عن (1) أيديكم وألسنتكم أكف عنكم لساني ويدي، ولا يظهرن لي من أحد منكم خلاف فأضرب عنقه، واعلموا أنه قد كانت بيني وبين قوم إحن وعداوة وشحناء، وقد جعلت ذلك كله خلف أذني وتحت قدمي، فمن كان مسيئا (2) فلينزع عن إساءته، فإننا قد (3) أصبحنا لكم ساسة وعنكم ذادة، نسوسكم بسلطان الله الذي أعطانا، ونذود عنكم بتقوى (4) الله الذي خولنا، فلنا عليكم السمع والطاعة فيما أحببنا، ولكم علينا العدل والإنصاف كما وفينا فأوفوا لنا بطاعتنا تستوجبوا بذلك عدلنا (5)، واشربوا قلوبكم محبة ولاتكم فإنهم ساستكم المؤدبون وكنفكم (6) الذي إليه تلجأون وتأوون ولا تشربوا قلوبكم بغضنا فيشتد لذلك غيظكم (7) ويطول لذلك حزنكم (8) - أسأل الله أن يعين كلا منا على كل (9)، وأستغفر الله العظيم لي ولكم -.
قال: فلما فرغ زياد بن خطبته هذه وثب إليه رجل من أهل البصرة يقال له عبد الله بن الأهتم (10) فقال: أيها الأمير! أشهد أنك قد أوتيت الحكمة وفصل الخطاب! فقال له زياد: كذبت، ذاك نبي الله داود عليه السلام (11).