يوصله إلى سمرقند - فنزل على سمرقند وبها يومئذ خلق كثير من السغد (1)، قال:
فخرج إليهم السغد ودنا بعضهم من بعض، فاقتتلوا قتالا شديدا.
قال: وجعل ملك السغد أخشيد بن شارك يحرض أصحابه على الحرب، والناس يقتتلون قتالا شديدا. قال: وخرج رجل من السغد على برذون له أصفر، فجعل يدعو الناس إلى البراز، قال: فتطاطأ الناس عنه وتحاموه، فقال مالك بن الرب، أيها المسلمون! ما الذي يقول هذا العلج؟ قالوا: يدعو إلى البراز، قال:
أفما منكم من يجيبه؟ فقال مالك بن الريب: فهذه والله لفضيحة! فقال له بعض أصحابه: فهل عندك شيء يا مالك؟ فقال مالك: إني سأبكي نفسي في مثل هذا اليوم. ثم قنع فرسه وخرج نحو العلج وهو يقول:
ألا أيها البراز بقرنى... (2) * أساقيك بالطعن الذعاف المقشبا فأي فتى في الحرب والموت سيبه * على شاربيه فاسقني منه واشربا ودونكها نجلاء ينضح فرعها * نجيعا دما من داخل الجوف متعبا حباك بها من لا يصرد كأسه * إذا ما سقاها من إلى الموت ثوبا أخو غمرات لا يروع لجأشه * إذا الموت بالموت ارتدى وتعصبا يباشر في الحرب السيوف ولا يرى * لمن لا يباشرها إلى الموت مهربا أغر نماه مارن بفعاله * فكان نجيب الأمهات فأنجبا قال: ثم حمل مالك على ذلك السغدي، والتقيا بطعنتين طعنه السغدي طعنة، فوقعت في قربوص مالك، وسقط مالك إلى الأرض، فوثب مسرعا ورمحه في يده، فطعن السغدي طعنة رمى به عن فرسه إلى الأرض، وذهب السغدي يقوم، فبادر إليه مالك فاحتمله من الأرض حملا وجمل يعدو به حتى رمى به بين يدي سعيد بن عثمان. فقال سعيد: أحسنت! لله درك! خذه إليك فاصنع به ما أحببت.
فأخذه مالك فباعه بأربعمائة درهم، وباع برذونه وسلاحه بثمانمائة درهم.
قال: واشتبك الحرب بين المسلمين وبين أهل سمرقند يومهم ذلك إلى الليل، ثم انصرف بعضهم بن بعض. قال: ودامت الحرب بين القوم شهرا