قد وهبنا لزياد عرضه * وأرحنا عنه ما كان سأل قال: فكانت هذه قصة زياد مع معاوية لما ادعاه أخا، فلما كان من أمر البصرة ما كان، دعاه معاوية فولاه إياها وأمره بالعدل والإنصاف وحذره الشكوى، فقال زياد: أفعل ذلك يا أمير المؤمنين.
قال: فلما ولى زياد البصرة حذر الناس نفسه، وألزمهم طاعة معاوية، وجرد السيف، وأخذ بالظنة وعاقب بالشبهة.
قال: فخاف الناس في إمارة زياد خوفا شديدا حتى أمن بعضهم من بعض، فكان ربما سقط الشيء من الرجل والمرأة فلا يتعرض (1) إليه أحد حتى يأتيه صاحبه فيأخذه.
قال: وكانت المرأة تبيت في منزلها فلا تغلق بابها، ولا تخاف لصا يدخل إليها.
قال: فأقام زياد بالبصرة مدة وساس أهلها سياسة لم يروا مثلها، وهابه الناس هيبة شديدة، فأحبه الأخيار ونفر عنه الأشرار، فأنشأ حارثة بن بدر الغداني (2) في ذلك يقول (3):
ألا من مبلغ عني زيادا * فنعم أخو الخليفة والأمير أخوك خليفة الله ابن صخر (4) * وأنت وزيره نعم الوزير وأنت إمام معدلة وقصد * وحزم حين يحضرك الأمور تصيب على الهوى منه ويأتي (5) * محبك ما يجن لنا الضمير بأمر الله منصور مغاث (6) * إذا كان الرعية لا تجور (7)