فيتخذ خالد المكر معه وينزل عنده كضيف يريد استعلامه عن الامر وقد أعطى الايعاز إلى جماعته بالوثبة عند الإشارة، وقد أحرز خالد أن زوجة ابن نويرة من الجمال الذي لا يمكن لمثله الإغضاء عنها، فيثب بعد الإشارة وهو شاهر سلاحه ويوثق ابن نويرة وأصحابه، ويعترض عليه الرجل بأنه لم يرتد وان المال حاضر وطلب منه حمله وأصحابه إلى أبي بكر فأبى، فقال الرجل: أني اقتل ظلما وعدوانا وان لهذه، وأشار لزوجته علة في قتلي، أي ان جمالها أغرى خالدا ولم يستطع الوصول إليها سوى عن طريق القتل، وهكذا ينفذ حكم القتل به وبجماعته ويسلب أمواله ويدخل بنفس الليلة بزوجته، فانظر إلى هذه الجريمة النكراء، والفاحشة التي لا يمكن توجيهها. أقبل بخيله ورجاله إلى المدينة ودخل على أبي بكر ويطلع أبو بكر وعمر على واقع الامر فيثب عمر متأثرا لتلك العملية التي لا تلائم أسس الاسلام فحسب بل لا يقبلها كل خائن وكل فاسد وكل فاسق ومنافق ومشرك، وإذا أبيح لك قتله فكيف تدخل على زوجته وهي في العدة وهي فضيحة للآمر والمأمور، نعم يثب عمر ويطلب من أبي بكر إقامة الحد على خالد بيد ان أبا بكر أبعد نظرا، وكيف يعمل ذلك ويهتك أعوانه وأنصاره وهو أحوج ما يكون إليهم مهما ارتكبت أيديهم ومهما اعتدوا على ابن نويرة وزوجته، ومهما عمل خالد، أليس ذلك مما يؤيد ملكه، ويشد إصره؟!
وكأن خالدا لم يعمل ما يستوجب حتى توبيخه أو تأنيبه ليستفيد منه ومن أغراضه كما طلب منه بعد ذلك قتل علي بعد تشهد الصلاة، فأطاع وتحضر، غير أن أبا بكر وهو يصلي فكر ان ذلك لا يصح وربما سبب امرا يعود عليه بالضرر وقبل أن ينهي صلاته وقبل التشهد صاح بأعلى صوته: لا يفعلن خالد ما أمرته به، ثم أجرى التشهد فكانت تلك بدعة جارية لبعض علماء التابعين انه طالما تكلم خليفة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) قبل التشهد فذلك جائز لهم، وقد بقي عمر متأثرا من خالد الذي بدا غير مكترث بوعيد عمر طالما جلب رضا أبي بكر بيد أنه لا يستطيع