بأنكم آل الله وآل رسوله وأحرى بتجهيزه وتغسيله وتكفينه ودفنه وعلى رأسهم علي بن أبي طالب وصي رسول الله، وهي التي كانت تجافيه وتظهر خصومته من قبل، فأبانت له ذلك اليوم منتهى الكرم والأدب، وأظهرت أنه رئيس بني هاشم وأقرب الناس لرسول الله وهو أحرى به دون جميع الصحابة للقيام بهذا، وهي تقصد إشغالهم برسول الله وترك أبيها وأنصاره يحوكون ما أرادوا ولم تكن وحدها التي عملت ذلك فقد كانت لها اللياقة السياسية ودهاء النساء الذكيات، وأبوها هو معلمها الأول وهي عضده الأيسر لربما كانت هي الأيمن وعمر الأيسر وقد نجحت سياستهم نجاحا باهرا وتغلبوا على ما أرادوا وسلبوا حقا واضحا وصريحا وخلافة نص عليها رسول الله نصا صريحا لعلي، وفي كل فرصة حصلت لرسول الله البيان بها للخاصة والعامة فضل علي من الناحية العلمية والعملية، والقرابة والسبقة للاسلام والاخلاص للدين، وأكد قول رسول الله الآيات الكثيرة التي تربو على ثلاثمائة آية كلها نزلت في مدح علي وتمجيده مع أهل البيت.
فانظر إلى السياسة العظيمة التي سلكها أبو بكر فتغلب بها على علي وعلى بني هاشم وآل عبد مناف بما فيهم، وهو من قبيلة عتيق لا ذكر لها قبل الاسلام وكانت سياسته بعد تسنم الامر لا تقل عن تدبيره قبلها، إذ لو أهمل الامر ونجحت هاشم فلا بد ان تكشف الحقائق، لذا أسندها لعمر ولآل بني أمية وعلى رأسهم عثمان كاتب سره، وعميدهم أبو سفيان الذي مات وهو كافر مشرك لا يعتقد إلا وأنها ملكية، وهو الذي أوصى أولاده بتلاقف الخلافة وأنه لا جنة ولا نار.