بالقوة، وانه سيعمل ما يعمل، فلقيه علي بإيمانه وبما يعتقد ما يضمره رجل الشر هذا وقال له صراحة: انه لا يخفى عليه عدم حرصه على الاسلام، وانما يريد الوقيعة به، ومن جهة ثانية، فان عيون أبي بكر تابعته وأرسلوا عليه وأعطوه ما يريد منها ما جلبه معه وانهم (سيتقاسمونها) بينهم وسوف يكون له ولأولاده السهم الأوفى. وهكذا انحاز هو الآخر معهم ولم يكن في ذلك لتأثير عثمان وهو شريكهم إلا الأثر الأكبر. وهكذا ترى سياسة أبي بكر في هذا الأمر أيضا نجحت وبقي عنده القضاء على الجماعات التي كانت تناوؤه وهي تعلم أن الخلافة لعلي، وعليه أن يحاربهم باسم الردة وقد قسا عليهم ونكل بهم في البدء نكاية وقساوة كانت عبرة للباقين. وهكذا نجده يرسل خالدا وجماعته لابن نويرة الذي عطل دفع الزكاة للمسلمين وهو يدري الخلاف وهو واحد من رؤساء القبائل، حضر حجة الوداع ويوم غدير خم، وحضر خطبة رسول الله واعلام الوصاية والولاية لعلي وهو يعلم لمن يعطي المال الم يجب عليه اعطاؤه لوصي رسول الله الذي عين خلافته من بعده والذي قال كرارا: " انه مني بمنزلة هارون من موسى "، بيد ان سياسة أبي بكر تقضي الضرب على يد كل معترض مهما كان اسلامه ولا يمكن لرجل سياسي أن يقبل مثل هذا الذي يعلن مخالفته لرسول الله ويعلن تسنمه منبر الخلافة إلا قهرا وغصبا، وما هي الحربة التي يحارب بها إلا بحربته هو وهو باسم الدين وانه ارتد وانه يجب قتله. فهل هذا يعني ارتداد بقية رجاله ونسائه وجميع عشيرته؟ وهلا يجب استدعاؤه وإلقاء الحجة عليه واستطلاع امره؟
لا، أبدا لا يجوز لرجل السياسة ذلك إذ أن ذلك فضيحة له ويخلق له ألف مشكلة، وليس له إلا الطاعة المحصنة بدون ان ينبس ببنت شفة، ولقد ذهب ذلك الزمان الذي كان على عهد رسول الله زمن المنطق والوحي والرأفة والمحبة ولهذا يرسل له خالدا ويخوله ما يعمل بلا قيد وشرط. وماذا يعمل خالد!؟