إلى زوجها معاتبة له وهي تقول: " اشتملت شملة الجنين، وقعدت حجرة الظنين..، هذا ابن أبي قحافة يبتزني نحلة أبي "، والى آخر ما قالت حتى قام ولبس لباس حربه وإذا بالمؤذن يؤذن، فقال لها: " ان كنت تحرصين على بقاء هذا الأذان بما فيه من الشهادات بالتوحيد والنبوة فما عليك وعلي سوى الصبر وإلا فغير ضعيف ولا خائف، وانا علي الذي برهنت على قدرتي ولياقتي في جميع الحروب "، فسكتت وقالت: " لا، لا أرضى " وعادت ونهنهت عن زوجها، ومن هي؟ وهي تعلم من زوجها الذي لم يخلص للاسلام مثله، وإذا أراد الخلافة فإنما أرادها لا تظاهرا بقدرتها وأمارتها كلا والف كلا، وإنما خدمة للاسلام، فصبر كما قال في خطبته الشقشقية: " فصبرت وفي العين قذى وفي الحلق شجى " وهو يرى ما يرى ويتحمل ما يتحمل.
هكذا ترى أبا بكر من الناحية السياسية علمه بخبايا البيت النبوي، وعلمه بحرص علي على أن لا تقوم مخاصمة أو منازعة بين الفرق الاسلامية، وأنه سوف يصبر كما أمره رسول الله مهما غصب حقه واعتدوا على تراثه، وبعد ذلك فماذا يمنعه وما كان منه وبعد ان اخذ البيعة الأولى الا ويرسل الرسل في الداخل والخارج لكل من يجدونه لأخذ البيعة وتوطيد الامر لتقوية نفسه من جهة ولتضعيف بني هاشم وعلي من جهة أخرى، وما كان بني عبد مناف ومنهم بنو أمية (1) يهون عليهم خروج الامارة من قبيلتهم إلى عتيق، ومن عتيق؟ وكان أبو سفيان قد أرسل لجمع ما يصيب المسلمين من المال من مكة وأطرافها وقد عاد فوجد الامر على هذه الشاكلة فوجد الفرصة السانحة لاعادتها جاهلية والانتقام!
وهل هناك الا بالقاء الفتنة بين بني هاشم وأبي بكر وجماعته، فجاء عليا وهو يتوعد ويتهدد من نازعه واغتصب حقه، ويحرضه على النهوض وأخذ حقه