وأمرائهم، وظهور كلمتهم، وقهر سلطانهم وارتفاع التقية عنهم والكرامة، والجائزة لمن روى الاخبار والأحاديث في فضل أبي بكر، وما كان من تأكيد بني أمية لذلك، وما ولده المحدثون من الأحاديث طلبا لما في أيديهم، فكانوا لا يألون جهدا في طول ما ملكوا ان يحطوا ذكر علي (عليه السلام) وولده، ويطفئوا نورهم، ويكتموا فضائلهم ومناقبهم وسوابقهم، ويحملوا على شتمهم وسبهم ولعنهم على المنابر، فلم يزل السيف يقطر من دمائهم، مع قلة عددهم وكثرة عدوهم، فكانوا بين قتيل وأسير، وشريد وهارب، ومستخف ذليل، وخائف مترقب، حتى أن الفقيه والمحدث والقاضي والمتكلم ليتقدم إليه ويتوعد بغاية الايعاد وأشد العقوبة، أن لا يذكروا شيئا من فضائلهم، ولا يرخصوا لأحد أن يطيف بهم، وحتى بلغ من تقية المحدث انه إذا ذكر حديثا عن علي (عليه السلام) كنى عن ذكره فقال: قال رجل من قريش وفعل رجل من قريش، ولا يذكر عليا (عليه السلام) ولا يتفوه باسمه.
ثم رأينا جميع المختلفين قد حاولوا نقض فضائله، ووجهوا الحيل والتأويلات نحوها، من خارجي مارق، وناصبي حنق، وثابت مستبهم، وناشئ معاند ومنافق مكذب، وعثماني حسود، يعترض فيها ويطعن، ومعتزلي قد نقض في الكلام، وأبصر علم الاختلاف، وعرف الشبه ومواضع الطعن وضروب التأويل قد التمس الحيل في ابطال مناقبه، وتأول مشهور فضائله، فمرة يتأولها بما لا يحتمل، ومرة يقصد ان يضع من قدرها بقياس منتقض، ولا يزداد مع ذلك إلا قوة ورفعة، ووضوحا واستنارة، وقد علمت ان معاوية ويزيد ومن كان بعدهما من بني مروان أيام ملكهم - وذلك نحو ثمانين سنة - لم يدعوا جهدا في حمل الناس على شتمه ولعنه وإخفاء فضائله وستر مناقبه وسوابقه.
روى خالد بن عبد الله الواسطي، عن حصين بن عبد الرحمن، عن هلال بن يساف، عن عبد الله بن ظالم قال: لما بويع لمعاوية أقام المغيرة بن شعبة خطباء